Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 12-14)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الجملة يجوز أن تكون حالاً من ضمير { الخراصون } الذاريات 10 وأن تكون استئنافاً بيانياً ناشئاً عن جملة { قتل الخراصون } الذاريات 10 لأن جملة { قتل الخراصون } أفادت تعجيباً من سوء عقولهم وأحْوالهم فهو مثار سؤال في نفس السامع يتطلب البيان ، فأجيب بأنهم يسألون عن يوم الدين سؤال متهكمين ، يعنون أنه لا وقوع ليوم الدين كقوله تعالى { عمّ يتساءلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون } النبأ 1 ـــ 3 . و { أيّان يوم الدين } مقول قول محذوف دلّ عليه { يسألون } لأن في فعل السؤال معنى القول . فتقدير الكلام يقولون أيان يوم الدين . ولك أن تجعل جملة { أيان يوم الدين } بدلاً من جملة { يسألون } لتفصيل إجماله وهو من نوع البدل المطابق . و { أيّان } اسم استفهام عن زمان فعل وهو في محل نصب مبنيّ على الفتح ، أي متى يوم الدين ، ويوم الدين زمان فالسؤال عن زمانه آيل إلى السؤال باعتبار وقوعه ، فالتقدير أيان وقوع يوم الدين ، أو حلوله ، كما تقول متى يوم رمَضان أي متى ثبوته لأن أسماء الزمان حقها أن تقع ظروفاً للأحداث لا للأزمنة . وجملة { يوم هم على النار يفتنون } جواب لسؤالهم جرى على الأسلوب الحكيم من تلقي السائل بغير ما يتطلب إذ هم حين قالوا أيّان يوم الدين ، أرادوا التهكم والإحالة فتُلقِّي كلامُهم بغير مرادهم لأن في الجواب ما يشفي وقع تهكمهم على طريقة قوله تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيتُ للناس والحج } البقرة 189 . والمعنى يوم الدين يقع يوم تُصْلَوْن النار ويقال لكم ذوقوا فتنتكم . وانتصب { يوم هم على النار يفتنون } على الظرفية وهو خبر عن مبتدأ محذوف دل عليه السؤال عنه بقولهم أيام يوم الدين . والتقدير يومُ الدين يومَ هم على النار يفتنون . والفَتْن التعذيب والتحريق ، أي يوم هم يعذبون على نار جهنم وأصل الفَتْن الاختيار . وشاع إطلاقه على معان منها إذابة الذهب على النار في البُوتَقة لاختيار ما فيه من معدن غيرِ ذهب ، ولا يذاب إلا بحرارة نار شديدة فهو هنا كناية عن الإحراق الشديد . وجملة { ذوقوا فتنتكم } مقول قول محذوف دل عليه الخطاب ، أي يقال لهم حينئذٍ ، أو مقولاً لهم ذوقوا فتنتكم ، أي عذابكم . والأمر في قوله { ذوقوا } مستعمل في التنكيل . والذوق مستعار للإحساس القوي لأن اللسان أشد الأعضاء إحساساً . وإضافة فتنة إلى ضمير المخاطبين يومئذ من إضافة المصدر إلى مفعوله . وفي الإضافة دلالة على اختصاصها لهم لأنهم استحقوها بكفرهم ، ويجوز أن تكون الإضافة من إضافة المصدر إلى فاعله . والمعنى ذوقوا جزاء فتنتكم . قال ابن عباس أي تكذيبكم . ويقوم من هذا الوجه أن يجعل الكلام موجَّهاً بتذكير المخاطبين في ذلك اليوم ما كانوا يفتنون به المؤمنين من التعذيب مثل ما فتنوا بلالاً وخَبَّاباً وعَماراً وشميسة وغيرهم ، أي هذا جزاء فتنتكم . وجعل المذوق فتنتهم إظهاراً لكونه جزاء عن فتنتهم المؤمنين ليزدادوا ندامة قال تعالى موعداً إياهم { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق } البروج 10 . وإطلاق اسم العمل على جزائه وارد في القرآن كثيراً كقوله تعالى { وتجعلون رزقكم أنكم تُكذّبون } الواقعة 82 أي تجعلون جزاء رزق الله إياكم أنكم تُكذّبون وحدانيته . والإشارة في قوله { هذا الذي كنتم به تستعجلون } إلى الشيء الحاضر نصب أعينهم ، وهكذا الشأن في مثله تذكير اسم الإشارة كما تقدم في قوله تعالى { إنها بقرة لا فارض ولا بِكْر عَوَانٌ بين ذلك } في سورة البقرة 68 . ومعنى { كنتم به تستعجلون } كنتم تطلبون تعجيله فالسين والتاء للطلب ، أي كنتم في الدنيا تسألون تعجيله وهو طلب يريدون به أن ذلك محال غير واقع . وأقوالهم في هذا كثيرة حكاها القرآن كقوله { ويقولون متى هذ الوعد إن كنتم صادقين } الملك 25 . والجملة استئناف في مقام التوبيخ وتعديد المجارم ، كما يقال للمجرم فعلت كذا ، وهي من مقول القول .