Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 57-58)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تتنزل هذه الجملة من التي قبلها منزلة البيان للإِنذار الذي تضمّنه قوله { هذا نذير } النجم 56 . فالمعنى هذا نذير بآزفة قربت ، وفي ذكر فعل القرب فائدة أخرى زائدة على البيان وهي أن هذا المنذَر به دَنا وقته ، فإنّ أزف معناه قَرب وحقيقته القرب المكان ، واستعير لقرب الزمان لكثرة ما يعاملون الزمان معاملة المكان . والتنبيه على قرب المنذر به من كمال الإِنذار للبدار بتجنب الوقوع فيما ينذر به . وجيء لفعل { أزفت } بفاعل من مادة الفعل للتهويل على السامع لتذهب النفس كل مذهب ممكن في تعيين هذه المحادثة التي أزفت ، ومعلوم أنها من الأمور المكروهة لورود ذكرها عقب ذكر الإِنذار . وتأنيث { الأزفة } بتأويل الوقعة ، أو الحادثة كما يقال نَزلت به نازلة ، أو وقعت الواقعة ، وغشيته غاشية ، والعرب يستعملون التأنيث دلالة على المبالغة في النوع ، ولعلهم راعوا أن الأنثى مصدر كثرة النوع . والتعريف في { الأزفة } تعريف الجنس ، ومنه زيادة تهويل بتمييز هذا الجنس من بين الأجناس لأن في استحضاره زيادة تهويل لأنه حقيق بالتدبر في المخلَص منه نظير التعريف في { الحمد لله } الفاتحة 2 ، وقولهم أرسلها العِراك . والكلام يحتمل آزفة في الدنيا من جنس ما أُهلك به عاد وثمود وقوم نوح فهي استئصالهم يوم بدر ، ويحتمل آزفة وهي القيامة . وعلى التقديرين فالقرب مراد به التحقق وعدم الانقلاب منها كقوله تعالى { اقتربت الساعة } القمر 1 وقوله { إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً } المعارج 6 ، 7 . وجملة { ليس لها من دون الله كاشفة } مستأنفة بيانية أو صفة لــــ { الأزفة } . و { كاشفة } يجوز أن يكون مصدراً بوزن فاعلة كالعافية ، وخائنة الأعين ، وليس لوقعتها كاذبة . والمعنى ليس لها كشف . ويجوز أن يكون اسمَ فاعل قرن بهاء التأنيث للمبالغة مثل راوية ، وباقعة ، وداهية ، أي ليس لها كاشف قوي الكشف فضلاً عمن دونه . والكشف يجوز أن يكون بمعنى التعرية مراد به الإِزالة مثل ويكشف الضر ، وذلك ضد ما يقال غشية الضر . فالمعنى لا يستطيع أحد إزالة وعيدها غير الله ، وقد أخبر بأنها واقعة بقوله { ليس لها من دون الله كاشفة } كناية عن تحقق وقوعها . ويجوز أن يكون الكشف بمعنى إزالة الخفاء ، أي لا يبين وقت الآزفة أحد له قدرة على البيان على نحو قوله تعالى { لا يجليها لوقتها إلا هو } الأعراف 187 . فالمعنى أن الله هو العالم بوقتها لا يعلمه أحد إلا إذا شاء أن يطلع عليه أحداً من رسله أو ملائكته . و { من دون الله } أي غير الله ، و { من } مزيدة للتوكيد ، وهو متعلق بالكون الذي ينوى في خبر ليس قوله { لها } .