Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 43-43)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه الجملة كالنتيجة لحاصل القصص عن الأمم التي كذبت الرسل من قوم نوح فمن ذكر بعدهم ولذلك فُصِلت ولم تعطف . وقد غير أسلوب الكلام من كونه موجَّهاً للرسول صلى الله عليه وسلم إلى توجيهه للمشركين ليُنتقل عن التعريض إلى التصريح اعتناء بمقام الإِنذار والإِبلاغ . والاستفهام في قوله { أكفاركم خير من أُولَٰئِكم } يجوز أن يكون على حقيقته ، ويكون من المحسن البديعي الذي سماه السكاكي « سوْقَ المعلوم مساق غيره » . وسماه أهل الأدب من قبله بــــ « تجاهل العارف » . وعدل السكاكي عن تلك التسمية وقال لوقوعه في كلام الله تعالى نحو قوله { وإنا أو إياكم لعلى هُدىً أو في ضلال مبين } سبأ 24 وهو هنا للتوبيخ كما في قول ليلى ابنة طريف الخارجية ترثي أخاها الوليد بن طريف الشيباني @ أبا شَجر الخابُورِ ما لكَ مُورِقَا كأنَّك لَم تَجْزَع على ابنِ طريف @@ الشاهد في قولها كأنك لم تجزع الخ . والتوبيخ عن تخطئتهم في عدم العذاب الذي حَلَّ بأمثالهم حتى كأنهم يحسبون كفّارهم خيراً من الكفّار الماضين المتحدَّث عن قصصهم ، أي ليس لهم خاصية تربأ بهم عن أن يلحقهم ما لَحق الكفار الماضين . والمعنى أنكم في عدم اكتراثكم بالموعظة بأحوال المكذبين السابقين لا تخلون عن أن أحد الأمرين الذي طمأنكم من أن يصيبكم مثل ما أصابهم . و { أم } للإِضراب الانتقالي . وما يقدر بعدها من استفهام مستعمل في الإِنكار . والتقدير بل ما لكم براءة في الزبر حتى تكونوا آمنين من العقاب . وضمير { كفاركم } لأهل مكة وهم أنفُسُهم الكفارُ ، فإضافة لفظ كفار إلى ضميرهم إضافة بيانية لأن المضاف صنف من جنس من أضيف هو إليه فهو على تقدير { مِن } البيانية . والمعنى الكفارُ منكم خير من الكفار السالفين ، أي أأنتم الكفار خير من أولئك الكفار . والمراد بالأَخْيَرية انتفاء الكفر ، أي خير عند الله الانتقام الإِلهي وادعاء فارق بينهم وبين أولئك . والبراءة الخلاص والسلامة مما يضرّ أو يشقّ أو يكلّف كلفة . والمراد هنا الخلاص من المؤاخذة والمعاقبة . و { الزّبر } جمع زبور ، وهو الكتاب ، وزبور بمعنى مزبور ، أي براءة كتبت في كتب الله السالفة . والمعنى ألكم براءة في الزبر أن كفاركم لا ينالهم العقاب الذي نال أمثالهم من الأمم السالفة . و { في الزبر } صفة { براءة } ، أي كائنة في الزبر ، أي مكتوبة في صحائف الكتب . وأفاد هذا الكلام ترديد النجاة من العذاب بين الأمرين إما الاتصاف بالخيْر الإِلهي المشار إليه بقوله تعالى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات 13 ، وإما المسامحة والعفو عما يقترفه المرء من السيئات المشار إليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم " لعل الله أطّلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " والمعنى انتفاء كلا الأمرين عن المخاطبين فلا مَأْمَنَ لهم من حلول العذاب بهم كما حلّ بأمثالهم . والآية تُوذن بارتقاب عذاب ينال المشركين في الدنيا دون العذاب الأكبر ، وذلك عذاب الجوع الذي في قوله تعالى { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } الدخان 10 كما تقدم ، وعذاب السيف يوم بدر الذي في قوله تعالى { يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون } الدخان 16 .