Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 33-33)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا مقول قول محذوف يدل عليه سياق الكلام السابقِ واللاحق ، وليس خطاباً للإِنس والجنّ في الحياة الدنيا . والتقدير فنقول لكم كما في قوله تعالى { ويوم نحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس } الأنعام 128 الآية ، أي فنقول يا معشر الجن قد استكثرتم من الإِنس ، وتقدم في سورة الأنعام . والمعشر اسم للجمع الكثير الذي يُعد عشرةً عشرةً دون آحاد . وهذا إعلان لهم بأنهم في قبضة الله تعالى لا يجدون منجىً منها ، وهو ترويع للضالين والمضلّين من الجن والإِنس بما يترقبهم من الجزاء السيّء لأن مثل هذا لا يقال لجمع مختلط إلا والمقصود أهل الجناية منهم فقوله { يا معشر الجن والإنس } عام مراد به الخصوص بقرينة قوله بعده { يُرسل عليكما شواظ } الرحمٰن 35 الخ . والنفوذ والنفاذ جواز شيء عن شيء وخروجُه منه . والشرط مستعمل في التعجيز ، وكذلك الأمر الذي هو جواب هذا الشرط من قوله { فانفذوا } ، أي وأنتم لا تستطيعون الهروب . والمعنى إن قَدَرْتُم على الانفلات من هذا الموقف فافلتوا . وهذا مؤذن بالتعريض بالتخويف مما سيظهر في ذلك الموقف من العقاب لأهل التضليل . والأقطار جمع قُطر بضم القاف وسكون الطاء وهو الناحية الواسعة من المكان الأوسع ، وتقدم في قوله تعالى { ولو دخلت عليهم من أقطارها } في سورة الأحزاب 14 . وذكر السماوات والأرض لتحقيق إحاطة الجهات كلها تحقيقاً للتعجيز ، أي فهذه السماوات والأرض أمامكم فإن استطعتم فاخرجوا من جهة منها فراراً من موقفكم هذا ، وذلك أن تعدد الأمكنة يسهل الهروب من إحدى جهاتها . والأرض المذكورة هنا إما أن تكون الأرض التي في الدنيا وذلك حين البعث ، وإما أن تكون أرض الحشر وهي التي سماها القرآن " الساهرة " في سورة النازعات 14 ، وقال تعالى { يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسماوات } إبراهيم 48 ، وإما أن يكون ذلك جارياً مجرى المثل المستعمل للمبالغة في إحاطة الجهات كقول أبي بكر الصديق « أيُّ أرض تقلني ، وأيُّ سماء تُظلني » . وهذه المعاني لا تتنافى ، وهي من حدّ إعجاز القرآن . وجملة { لا تنفذون إلاَّ بسلطان } بيان للتعجيز الذي في الجملة قبله فإن السلطان القدرة ، أي لا تنفذون من هذا المأزق إلا بقدرة عظيمة تفوق قدرة الله الذي حشركم لهذا الموقف ، وأنَّى لكم هاته القوة . وهذا على طريق قوله { وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون } الشعراء 210 ، 211 ، أي ما صعدوا إلى السماء فيتنزَّلوا به .