Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 4-7)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إذا رجت الأرض } بدل من جملة { إذ وقعت الواقعة } الواقعة 1 وهو بدل اشتمال . والرّج الاضطراب والتحرك الشديد ، فمعنى { رُجت } رَجّهَا رَاجٌّ ، وهو ما يطرأ فيها من الزلازل والخسف ونحو ذلك . وتأكيده بالمصدر للدلالة على تحققه وليتأتى التنوين المشعر بالتعظيم والتهويل . والبَسُّ يطلق بمعنى التفتت وهو تفرّق الأجزاء المجموعة ، ومنه البسيسة من أسماء السويق أي فتِّتَتْ الجبال ونسفت فيكون كقوله تعالى { ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذَرها قاعاً صفصفاً } طه 105 ، 106 . ويطلق البسّ أيضاً على السّوق للماشية ، يقال بَسّ الغنم ، إذا ساقها . وفي الحديث " فيأتي قوم يَبِسُّون بأموالهم وأهليهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " فهو في معنى قوله تعالى { ويوم نسيّر الجبال } الكهف 47 ، وقوله { وسُيّرت الجبال } النبأ 20 وتأكيده بقوله { بسّاً } كالتأكيد في قوله { رجاً } لإِفادة التعظيم بالتنوين . وتفريع { فكانت هباءً منبثاً } على { بُسّت الجبال } لائق بمعنيي البسّ لأن الجبال إذا سيّرت فإنما تُسيّر تسييراً يفتتها ويفرقها ، أي تسييرَ بَعْثَرَة وارتطام . والهباء ما يلوح في خيوط شعاع الشمس من دقيق الغبار ، وتقدم عند قوله تعالى { فجعلناه هباء منثوراً } في سورة الفرقان 23 . والمنْبَثُّ اسم فاعل انبثَّ ، مطاوع بثَّه ، إذا فرّقه . واختير هذا المطاوع لمناسبته مع قوله { وبسّت الجبال } في أن المبني للنائب معناه كالمطاوعة ، وقوله { فكانت هباءً منبثاً } تشبيه بليغ ، أي فكانت كالهباء المنبث . والخطاب في { وكنتم أزواجاً ثلاثة } للناس كلهم ، وهذا تخلص للمقصود من السورة وهو الموعظة . والأزواج الأصناف . والزوج يطلق على الصنف والنوع كقوله تعالى { فيهما من كل فاكهة زوجان } الرحمٰن 52 ووجه ذلك أن الصنف إذا ذكر يذكر معه نظيره غالباً فيكون زوجاً .