Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 81-81)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الفاء تفريع على ما سِيق لأجله الكلام الذي قبلها في غرضه من التنويه بشأن القرآن ، وهو الذي بِحذو الفاء ، أو من إثبات البعث والجزاء وهو الذي حواه معظم السورة ، وكان التنويهُ بالقرآن من مسبَّبَاته . وأطبق المفسرون عدا الفخر على أن اسم الإشارة وبيانه بقوله { أفبهذا الحديث } مشير إلى القرآن لمناسبة الانتقال من التنويه بشأنه إلى الإِنكار على المكذبين به . فالتفريع على قوله { إنه لقرآن كريم } الواقعة 77 الآية . والمراد بــــ { الحديث } إخبار الله تعالى بالقرآن وإرادة القرآن من مثل قوله { أفبهذا الحديث } واردة في القرآن ، أي في قوله في سورة القلم 44 { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } وقوله في سورة النجم 59 { أفمن هذا الحديث تعجبون } ويكون العدول عن الإضمار إلى اسم الإشارة بقوله { أفبهذا الحديث } دون أن يقول أفَبِهِ أنتم مُدْهنون ، إخراجاً للكلام على خلاف مقتضى الظاهر لتحصل باسم الإشارة زيادة التنويه بالقرآن . وأما الفخر فجعل الإِشارة من قوله { أفبهذا الحديث } إشارة إلى ما تحدثوا به من قبل في قوله تعالى { وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون } الواقعة 47 ، 48 ، فإن الله رد عليهم ذلك بقوله { قل إن الأولين والآخرين } الواقعة 49 الآية . وبين أن ذلك كله إخبار من الله بقوله { إنه لقرآن كريم } الواقعة 77 ثم عاد إلى كلامهم فقال أفبهذا الحديث الذي تتحدثون به أنتم مدهنون لأصحابكم اهــــ ، أي على معنى قوله تعالى { وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودّةً بينكم في الحياة الدنيا } العنكبوت 25 . وإنه لكلام جيّد ولو جَعل المراد من هذا الحديث جميع ما تقدم من أول السورة أصلاً وتفريعاً ، أي من هذا الكلام الذي قرع أسماعكم ، لكان أجود . وإطلاق الحديث على خبر البعث أوضح لأن الحديث يراد به الخبر الذي صار حديثاً للقوم . والتعريف في { الحديث } على كلا التفسيرين تعريف العهد . والمُدهِن الذي يُظهر خلاف ما يبطن ، يقال أدهن ، ويقال دَاهنَ ، وفسر أيضاً بالتهاون وعدم الأخذ بالحزم ، وفسر بالتكذيب . والاستفهام على كل التفاسير مستعمل في التوبيخ ، أي كلامكم لا ينبغي إلا أن يكون مداهنة كما يقال لأحد قال كلاماً باطلاً أتهزأ ، أي قد نهض برهان صدق القرآن بحيث لا يكذب به مكذب إلا وهو لا يعتقد أنه كذب لأن حصول العلم بما قام عليه البرهان لا يستطيع صاحبُه دفعه عن نفسه ، فليس إصراركم على التكذيب بعد ذلك إلا مداهنة لقومكم تخشون إن صدّقتم بهذا الحديث أن تزول رئاستكم فيكون في معنى قوله تعالى { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } الأنعام 33 . وعلى تفسير { مدهنون } بمعنى الإِلانة ، فالمعنى لا تتراخوا في هذا الحديث وتدبروه وخذوا بالفور في اتباعه . وإن فسر { مدهنون } بمعنى تكذبون ، فالمعنى واضح . وتقديم المجرور للاهتمام ، وصوغ الجملة الاسمية في { أنتم مدهنون } لأن المقرّر عليه إدْهان ثابت مستمرّ .