Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 11-11)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

موقع هذه الجملة موقع التعليل والبيان لجملة { وكلاًّ وعد الله الحسنى } الحديد 10 . وما بينهما اعتراض ، والمعنى أن مثل المنفق في سبيل الله كمثل من يُقرض الله ومَثَلُ الله تعالى في جزائه كمثل المستسلف مع من أحسن قرضه وأحسن في دفعه إليه . و { من } استفهامية كما هو شأنها إذا دخلت على اسم الإشارة والموصول ، و { الذي يقرض } خبرها ، و { ذا } معترضة لاستحضار حال المقترض بمنزلة الشخص الحاضر القريب . وعن الفراء ذا صلة ، أي زائدة لمجرد التأكيد مثل ما قال كثير من النحاة إن ذا في ماذا ملغاة ، قال الفراء رأيتها في مصحف عبد الله { منذا الذي } والنون موصولة بالذال اهــــ . والاستفهام مستعمل في معنى التحريض مجازاً لأن شأن المحرِّض على الفعل أن يبحث عمن يفعله ويتطلب تعيينه لينوطه به أو يجازيه عليه . والقرض الحسن هو القرض المستكمل محاسن نوعه من كونه عن طيب نفس وبشاشة في وجه المستقرض ، وخلو عن كل ما يعرِّض بالمنة أو بتضييق أجل القضاء . والمشبّه هنا بالقرض الحسن هو الإِنفاق في سبيل الله المنهيُّ عن تركه في قوله { وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله } الحديد 10 . وقرأ الجمهور { فيضاعفه } بألف بعد الضاد . وقرأه ابن كثير وابن عامر ويعقوب { فيضعِّفه } بدون ألف وبتشديد العين . والفاء في جملة { فيضاعفه له } فاء السببية لأن المضاعفة مسببة على القرض . وقرأ الجمهور فعل { يضاعفُه } مرفوعاً على اعتباره معطوفاً على { يقرض } . والمعنى التحريض على الإِقراض وتحصيل المضاعفة لأن الإِقراض سبب المضاعفة فالعمل لحصول الإِقراض كأنه عمل لحصول المضاعفة . أو على اعتبار مبتدأ محذوف لتكون الجملة اسمية في التقدير فيقع الخبر الفعلي بعد المبتدأ مفيداً تقوية الخبر وتأكيد حصوله ، واعتبارِ هذه الجملة جواباً ، لــــ مَن الموصولة بإشراب الموصول معنى الشرط وهو إشراب كثير في القرآن . وقرأه حفص عن عاصم وابن عامر ويعقوب ـــ كل على قراءته ـــ بالنصب على جواب الاستفهام . ومعنى { وله أجر كريم } أن له أنفس جنس الأجور لأن الكريم في كل شيء هو النفيس ، كما تقدم في قوله تعالى { إني ألقيّ إلي كتاب كريم } في سورة النمل 29 . وجعل الأجر الكريم مقابل القرض الحسن فَقُوبِل بهذا موصوف وصفته بمثلهما . والمضاعفة مماثلة المقدار ، فالمعنى يعطيه مثلي قرضه . والمراد هنا مضاعفته أضعافاً كثيرة كما قال { مثلُ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل } الآية في سورة البقرة 261 . وقال { من ذا الذي يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة } البقرة 245 . وضمير النصب في { يضاعفه } عائد إلى القرض الحسن ، والكلام على حذف مضاف تقديره فيضاعف جزاءه له . لأن القرض هنا تمثيل بحال السلف المتعارف بين الناس فيكون تضعيفه مثل تضعيف مال السلف وذلك قبل تحريم الربا . والأجر ما زاد على قضاء القرض من عطية يسديها المستسلف إلى من سلفه عندما يجد سعة ، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " خيركم أحسنكم قضاء " ، وقال تعالى { وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً } النساء 40 . والظاهر أن هذا الأجر هو المغفرة كما في قوله تعالى { إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم } في سورة التغابن 17 . وهذا يشمل الإِنفاق في الصدقات قال تعالى { إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف لهم ولهم أجر كريم } الحديد 18 ، وهو ما فسره قول النبي صلى الله عليه وسلم " والصدقة تطفىء الخطايا كما يطفىء الماء النار " ، أي زيادة على مضاعفتها مثل الحسنات كلها .