Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 21-21)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فذلكة لما تقدم من قوله تعالى { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم } الحديد 12 إلى هنا فذلك مسوق مساق الترغيب فيما به تحصيل نعيم الآخرة والتحذير من فواته وما يصرف عنه من إيثار زينة الدنيا ، ولذلك فُصلت الجملة ولم تُعطف ، واقتُصر في الفذلكة على الجانب المقصود ترغيبه دون التعرض إلى المحذر منه لأنه المقصود . وعبر عن العناية والاهتمام بفعل السابقة لإِلهاب النفوس بصرف العناية بأقصى ما يمكن من الفضائل كفعل من يسابق غيره إلى غاية فهو يحرص على أن يكون المجلِّي ، ولأن المسابقة كناية عن المنافسة ، أي واتركوا المقتصرين على متاع الحياة الدنيا في الآخريات والخوالف . وتنكير { مغفرة } لقصد تعظيمها ولتكون الجملة مستقلة بنفسها ، وإلا فإن المغفرة سبق ذكرها في قوله { ومغفرة من الله } ، فكان مقتضى الظاهر أن يقال سابقوا إلى المغفرة ، أي أكثروا من أسبابها ووسائلها فالمسابقة إلى المغفرة هي المسابقة في تحصيل أسبابها . والعَرْض مستعمل في السعة وليس مقابل الطُول لظهور أنه لا طائل في معنى ما يقابل الطول ، وهذا كقوله تعالى { وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض } فصلت 51 ، وقول العُديل لما فَرَّ من وعيد الحجاج @ ودون يد الحجاج من أن تنالني بساط بأيدي الناعجات عَريض @@ وتشبيه عَرْض الجنة بعَرْض السماء والأرض ، أي مجموع عرضيهما لقصد تقريب المشبه بأقصى ما يتصوره الناس في الاتساع ، وليس المراد تحديد ذلك العرض ولا أن الجنة في السماء حتى يقال فماذا بقي لمكان جهنم . وهذا الأمر شامل لجميع المسابقات إلى أفعال البر الموجبة للمغفرة ونعيم الجنة ، وشامل للمسابقة الحقيقية مع المجازية على طريقة استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، وهي طريقة شائعة في القرآن إكثاراً للمعاني ، ومنه الحديث " لو يعلم الناس ما في الصف الأول لاستبقوا إليه أو استهموا إليه " وليس في الآية دليل على أن الجنة غير مخلوقة الآن إذ وجه الشبه في قوله { كعرض السماء والأرض } هو السعة لا المقدار ولا على أن الجنة في السماء الموجودة اليوم ولا عدمه ، وتقدم من معنى هذه الآية قوله { سارعوا إلى مغفرة من ربكم } الآية في سورة آل عمران 133 . وظاهر قوله { أعدت } أن الله خلقها وأعدّها لأن ظاهر استعماله الفعل في الزمان الماضي إن حصل مصدره فيه ، فقد تمسك بهذا الظاهر الذين قالوا إن الجنة مخلوقة الآن ، وأما الذين نفوا ذلك فاستندوا إلى ظواهر أخرى وتقدم ذلك في سورة آل عمران . وعُلم من قوله { أعدت للذين آمنوا بالله ورسله } أن غيرهم لاحظَ لهم في الجنة لأن معنى اعداد شيء لشيء قصره عليه . وجَمْع الرسل هنا يشمل كل أمة آمنوا بالله وبرسولهم الذي أرسله الله إليهم ، وليس يلزمها أن تؤمن برسول أرسل إلى أمة أخرى ولم يَدْع غيرها إلى الإِيمان به . والإِشارة في { ذلك فضل الله } إلى المذكور من المغفرة والجنة .