Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 3-3)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا } . جملة معترضة ناشئة عن جملة { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب } الحشر 2 . فالواو اعتراضية ، أي أخرجهم الله من قريتهم عقاباً لهم على كفرهم وتكذيبهم للرسول صلى الله عليه وسلم كما قال { ذلك بأنهم شاقّوا الله ورسوله } الحشر 4 ولو لم يعاقبهم الله بالجلاء لعاقبهم بالقَتل والأسر لأنهم استحقّوا العقاب . فلو لم يقذف في قلوبهم الرعب حتى استسلموا لعاقبهم بجوع الحصار وفتح ديارهم عنوة فعذبوا قتلاً وأسراً . والمراد بالتعذيب الألم المحسوس بالأبدان بالقتل والجرح والأسر والإِهانة وإلاّ فإن الإِخراج من الديار نكبة ومصيبة لكنها لا تدرك بالحس وإنما تدرك بالوجدان . و { لولا } حرف امتناع لوجود ، تفيد امتناع جوابها لأجل وجود شرطها ، أي وجود تقدير الله جلاءهم سبب لانتفاء تعذيب الله إياهم في الدنيا بعذاب آخر . وإنما قدر الله لهم الجلاء دون التعذيب في الدنيا لمصلحة اقتضتها حكمته ، وهي أن يأخذ المسلمون أرضهم وديارهم وحوائطهم دون إتلاف من نفوس المسلمين مما لا يخلو منه القتال لأن الله أراد استبقاء قوة المسلمين لما يستقبل من الفتوح ، فليس تقدير الجلاء لهم لقصد اللطف بهم وكرامتهم وإن كانوا قد آثروه على الحرب . ومعنى { كتب الله عليهم } قَدّر لهم تقديراً كالكتابة في تحقق مضمونه وكان مظهر هذا التقدير الإِلهي ما تلاحق بهم من النكبات من جلاء النضير ثم فتح قريظة ثم فتح خيبر . والجلاء الخروج من الوطن بنية عدم العود ، قال زهير @ فإن الحق مقطعه ثلاث يمين أو نفارٌ أو جَلاء @@ وأعلم أن { أنْ } الواقعة بعد { لولا } هنا مصدريةٌ لأن { أَنْ } الساكنة النون إذا لم تقع بعد فعل عِلم يقين أو ظن ولا بعد ما فيه معنى القول ، فهي مصدرية وليست مخففة من الثقيلة . { وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } . عطف على جملة { ولولا أن كتب الله عليهم } الآية ، أو على جملة { هو الذي أخرج الذين كفروا } الحشر 2 الآيات ، وليس عطفاً على جواب { لولا } فإن عذاب النار حاقّ عليهم وليس منتفياً . والمقصود الاحتراس من توهم أنَّ الجلاء بَدل من عذاب الدنيا ومن عذاب الآخرة .