Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 105-105)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جملة معترضة تذييلاً لما قَبلها . والواو اعتراضية فهو متّصل بجملة { قد جاءكم بصائر من ربّكم } الأنعام 104 الّتي هي من خطاب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بتقدير « قل » كما تقدّم ، والإشارة بقوله { وكذلك } إلى التّصريف المأخوذ من قوله { نُصرّف الآيات } . أي ومثلَ ذلك التّصريف نُصرّف الآيات . وتقدّم نظيره غير مرّة وأوّلها قوله { وكذلك جعلناكم أمّة وسَطا } في سورة البقرة 143 . والقول في تصريف الآيات تقدّم في قوله تعالى { انظر كيف نصرّف الآيات } في هذه السّورة 46 . وقوله { وليقُولوا دَرَسْتَ } معطوف على { وكذلك نصرّف الآيات } . وقد تقدّم بيان معنى هذا العطف في نظيره في قوله تعالى { وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين } من هذه السّورة 55 . ولكن ما هنا يخالف ما تقدّم مخالفة مَّا فإنّ قول المشركين للرّسول عليه الصلاة والسلام { درستَ } لا يناسب أن يكون علّة لتصريف الآيات ، فتعيَّن أن تكون اللاّم مستعارة لمعنى العاقبة والصيرورة كالّتي في قوله تعالى { فالتقطه آل فرعون ليكونَ لهم عدوّاً وحزناً } القصص 8 . المعنى . فكان لهم عدوّاً . وكذلك هنا ، أي نصرّف الآيات مثلَ هذا التّصريف الساطع فيحسبونك اقتبسته بالدّراسة والتّعليم فيقولوا دَرَسْتَ . والمعنى أنّا نصرّف الآيات ونبيّنها تبييناً من شأنه أن يصدر من العَالِم الَّذي دَرَس العلم فيقول المشركون دَرستَ هذا وتَلَقَّيتَه من العلماء والكُتب ، لإعراضهم عن النّظر الصّحيح الموصل إلى أنّ صدور مثل هذا التَّبيين من رجل يعلمونه أمِّيّاً لا يكون إلاّ من قِبل وحي من الله إليه ، وهذا كقوله { ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشر } النحل 103 وهم قد قالوا ذلك من قَبْل ويقولونه ويزيدون بمقدار زيادة تصريف الآيات ، فشُبّه ترَتُّب قولهم على التّصريف بترتّب العلّة الغائيَّة ، واستعير لهذا المعنى الحرفُ الموضوع للعلّة على وجه الاستعارة التّبعيّة ، ولذلك سمَّى بعض النّحويين مثل هذه اللاّم لام الصّيرورة ، وليس مرادهم أنّ الصّيرورة معنى من معاني اللاّم ولكنّه إفصاح عن حاصل المعنى . والدّراسة القراءة بتمهّل للحفظ أو للفهم ، وتقدّم عند قوله تعالى { وبما كنتم تدرسون } في سورة آل عمران 79 . وفعله من باب نصر . يقال درس الكتاب ، أي تعلّم . وقد تقدّم في قوله تعالى { بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون } آل عمران 79 ، وقال { وَدَرَسوا ما فيه } الأعراف 169 . وسمّي بيت تعلّم اليهود المِدْرَاسَ ، وسمّي البيت الّذي يسكنه التّلامذة ويتعلّمون فيه المدرسة . والمعنى يقولون تعلّمت ، طعْناً في أمّية الرّسول ـــ عليه الصّلاة والسّلام ـــ لئلاّ يلزمَهم أنّ ما جاء به من العلم وحي من الله تعالى . وقرأ الجمهور { درست } ـــ بدون ألف وبفتح التّاء ـــ . وقرأه ابن كثير ، وأبو عمرو « دَارسْتَ » ـــ على صيغة المفاعلة وبفتح التّاء ـــ أي يقولون قرأت وقُرىء عليك ، أي دارسْتَ أهل الكتاب وذاكرتهم في علمهم . وقرأه ابن عامر ويعقوب « دَرَسَتْ » ـــ بصيغة الماضي وتاء التأنيث ـــ أي الآيات ، أي تكرّرتْ . وأمّا اللاّم في قوله { ولنبيّنه لقوم يعلمون } فهي لام التّعليل الحقيقيّة . وضمير { نبيّنه } عائد إلى القرآن لأنّه ماصْدَق { الآيات } ، ولأنّه معلوم من السّياق . والقوم هم الّذين اهتدوا وآمنوا كما تقدّم في قوله { قد فصّلنا الآيات لقوم يعلمون } الأنعام 97 ، والكلام تعريض كما تقدّم . والمعنى أنّ هذا التّصريف حصل منه هدى للموفّقين ومكابرة للمخاذيل . كقوله تعالى { يضلّ به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضلّ به إلاّ الفاسقين } البقرة 26 .