Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 3-3)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطف على قوله { هو الذي خلقكم من طين } الأنعام 2 أي ، خلقكم ولم يهمل مراقبتكم ، فهو يعلم أحوالكم كلّها . فالضمير مبتدأ عائد إلى اسم الجلالة من قوله { الحمد لله } وليس ضمير فصل إذ لا يقع ضمير الفصل بعد حرف العطف . وقوله { الله } خبر عن المبتدأ . وإذ كان المبتدأ ضميراً عائداً إلى اسم الله لم يكن المقصود الإخبار بأنّ هذا الذي خلق وقضى هو الله إذ قد علم ذلك من معاد الضمائر ، فتعيّن أن يكون المقصود من الإخبار عنه بأنّه الله معنى يفيده المقام ، وذلك هو أن يكون كالنتيجة للأخبار الماضية ابتداء من قوله { الحمد لله الذي خلق } الأنعام 1 فنبّه على فساد اعتقاد الذين أثبتوا الإلٰهية لغير الله وحمدوا آلهتهم بأنّه خالق الأكوان وخالق الإنسان ومعيده ، ثم أعْلن أنّه المنفرد بالإلٰهية في السماوات وفي الأرض إذ لا خالق غيره كما تقرّر آنفاً ، وإذ هو عالم السرّ والجهر ، وغيرُه لا إحساس له فضلاً عن العقل فضلاً عن أن يكون عالماً . ولمّا كان اسم الجلالة معروفاً عندهم لا يلتبس بغيره صار قوله { وهو الله } في معنى الموصوف بهذه الصفات هو صاحب هذا الاسم لا غيره . وقوله { في السماوات وفي الأرض } متعلّق بالكون المستفاد من جملة القصر ، أو بما في { الحمد لله } الأنعام 1 من معنى الإنفراد بالإلٰهية ، كما يقول من يذكر جواداً ثم يقول هو حاتم في العرب ، وهذا لقصد التنصيص على أنّه لا يشاركه أحد في صفاته في الكائنات كلّها . وقوله { يعلم سرّكم وجهركم } جملة مقرّرة لمعنى جملة { وهو الله } ولذلك فصلت ، لأنّها تتنزّل منا منزلة التوكي لأنّ انفراده بالإلٰهيّة في السماوات وفي الأرض ممّا يقتضي علمه بأحوال بعض الموجودات الأرضية . ولا يجوز تعليق { في السماوات وفي الأرض } بالفعل في قوله { يعلم سرّكم } لأنّ سرّ النّاس وجهرهم وكسبهم حاصل في الأرض خاصّة دون السماوات ، فمن قدّر ذلك فقد أخطأ خطأ خفيّاً . وذكر السرّ لأنّ علم السرّ دليل عموم العلم ، وذكر الجهر لاستيعاب نوعي الأقوال . والمراد بـ { تكسبون } جميع الاعتقادات والأعمال من خير وشر فهو تعريض بالوعد والوعيد . والخطاب لجميع السامعين فدخل فيه الكافِرون ، وهم المقصود الأول من هذا الخطاب ، لأنّه تعليم وإيقاظ بالنسبة إليهم وتذكير بالنسبة إلى المؤمنين .