Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 6-6)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تكرير قوله آنفاً { قد كانت لكم أُسوة حسنة في إبراهيم } الممتحنة 4 الخ ، أعيد لتأكيد التحريض والحث على عدم إضاعة الائتساء بهم ، وليبنى عليه قوله لمن كان يرجو الله واليوم الآخر الخ . وقُرن هذا التأكيد بلام القسم مبالغة في التأكيد . وإنما لم تتصل بفعل { كان } تاء تأنيث مع أن اسمها مؤنث اللفظ لأن تأنيث أسوة غير حقيقي ، ولوقوع الفصل بين الفعل ومرفوعه بالجار والمجرور . والإِسوة هي التي تقدم ذكرها واختلاف القرّاء في همزتها في قوله { قد كانت لكم إسوة حسنة } . وقوله { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } بدل من ضمير الخطاب في قوله { لكم } وهو شامل لجميع المخاطبين ، لأن المخاطبين بضمير { لكم } المؤمنون في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } الممتحنة 1 فليس ذكر { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } تخصيصاً لبعض المؤمنين ولكنه ذكر للتذكير بأن الإِيمان بالله واليوم الآخر يقتضي تأسيَهم بالمؤمنين السابقين وهم إبراهيم والذين معه . وأعيد حرف الجر العامل في المبدل منه لتأكيد أن الإِيمان يستلزم ذلك . والقصد هو زيادة الحث على الائتساء بإبراهيم ومن معه ، وليرتب عليه قوله { ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد } ، وهذا تحذير من العود لما نُهوا عنه . ففعل { يتول } مضارع تولّى ، فيجوز أن يكون ماضيه بمعنى الإِعراض ، أي من لا يرجو الله واليوم الآخر ويعرض عن نهي الله فإن الله غنيّ عن امتثاله . ويجوز عندي أن يكون ماضيه من التولي بمعنى اتخاذ الوَلي ، أي من يتخذ عدو الله أولياء فإن الله غنيّ عن ولايته كما في قوله تعالى { ومن يتولّهم منكم فإنه منهم } في سورة العقود 51 . وضمير الفصل في قوله { هو الغني } توكيد للحصر الذي أفاده تعريف الجزأين ، وهو حصر ادعائي لعدم الاعتداد بغنى غيره ولا بحمده ، أي هو الغني عن المتولين لأن النهي عما نهوا عنه إنما هو لفائدتهم لا يفيد الله شيئاً فهو الغني عن كل شيء . وإتْباع { الغني } بوصف { الحميد } تتميم ، أي الحميد لمن يمتثل أمره ولا يعرض عنه أو { الحميد } لمن لا يتخذ عدوه ولياً على نحو قوله تعالى { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } الزمر 7 .