Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 61, Ayat: 2-3)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ناداهم بوصف الإِيمان تعريضاً بأن الإِيمان من شأنه أن يزع المؤمن عن أن يخالف فعلُه قولَه في الوعد بالخير . واللام لتعليل المستفهم عنه وهو الشيء المبْهم الذي هو مدلول { ما } الاستفهامية لأنها تدل على أمر مبهم يطلب تعيينه . والتقدير تقولون مَا لاَ تفعلون لأي سبب أو لأية علّة . وتتعلق اللام بفعل { تقولون } المجرور مع حرف الجر لصدارة الاستفهام . والاستفهام عن العلة مستعمل هنا في إنكار أن يكون سبب ذلك مرضياً لله تعالى ، أي أن ما يدعوهم إلى ذلك هو أمر منكر وذلك كناية عن اللوم والتحذير من ذلك كما في قوله تعالى { قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } في سورة البقرة 91 . فيجوز أن يكون القول الذي قالوه وعداً وعَدوه ولم يفوا به . ويجوز أن يكون خبراً أخبروا به عن أنفسهم لم يطابق الواقع . وقد مضى استيفاء ذلك في الكلام على صدر السورة . وهذا كناية عن تحذيرهم من الوقوع في مثل ما فعلوه يوم أحد بطريق الرمز ، وكناية عن اللوم على ما فعلوه يوم أحد بطريق التلويح . وتعقيب الآية بقوله { إن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً } الصف 4 الخ . يؤذن بأن اللوم على وعد يتعلق بالجهاد في سبيل الله . وبذلك يلتئم معنى الآية مع حديث الترمذي في سبب النزول وتندحض روايات أخرى رويت في سبب نزولها ذكرها في « الكشاف » . وفيه تعريض بالمنافقين إذ يظهرون الإِيمان بأقوالهم وهم لا يعملون أعمال أهل الإِيمان بالقلب ولا بالجسد . قال ابن زيد هو قول المنافقين للمؤمنين نحن منكم ومعكم ثم يظهر من أفعالهم خلاف ذلك . وجملة { كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } بيان لجملة { لم تقولون ما لا تفعلون } تصريحاً بالمعنى المكنَّى عنه بها . وهو خبر عن كون قولهم { ما لا تفعلون } أمراً كبيراً في جنس المقت . والكِبَر مستعار للشدة لأن الكبير فيه كثرة وشدة في نوعه . و { أن تقولوا } فاعل { كبُر } . والمقت البغض الشديد . وهو هنا بمعنى اسم المفعول . وانتصب { مقتاً } على التمييز لِجهة الكبر . وهو تمييز نسبة . والتقدير كبر ممقوتاً قَولُكم ما لا تفعلونه . ونُظِم هذا الكلام بطريقة الإِجمال ثم التفصيل بالتمييز لتهويل هذا الأمر في قلوب السامعين لكون الكثير منهم بمِظنة التهاون في الحيطة منه حتى وقعوا فيما وقعوا يوم أُحد . ففيه وعيد على تجدد مثله ، وزيد المقصود اهتماماً بأن وصف المقت بأنه عند الله ، أي مقتٌ لا تسامح فيه . وعدل عن جعل فاعل { كبر } ضمير القول بأن يقتصر على { كبُر مقتاً عند الله } أو يقال كبُر ذلك مقتاً ، لقصد زيادة التهويل بإعادة لفظه ، ولإِفادة التأكيد . و { مَا } في قوله { ما لا تفعلون } في الموضعين موصولة ، وهي بمعنى لام العهد ، أي الفعل الذي وَعدتم أن تفعلوه وهو أحبّ الأعمال إلى الله أو الجهادُ . 4 فاقتضت الآية أن الوعد في مثل هذا يجب الوفاء به لأن الموعود به طاعة فالوعد به من قبيل النذر المقصودِ منه القُربة فيجب الوفاء به .