Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 154-154)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نظم هذا الكلام مثل نظم قوله { ولما سقط في أيديهم } الأعراف 149 وقوله { ولما رجع موسى إلى قومه غضبان } الأعراف 150 ، أي ثم سكَت عن موسى الغضب ولَمّا سكت عنه أخذ الألواح . وهذه الجملة عطف على جملة { ولما رجع موسى إلى قومه } الأعراف 150 . والسكوت مستعار لذهاب الغضب عنهُ ، شُبّه ثَوَرانُ الغضب في نفس موسى المنشىء خواطر العقوبة لأخيه ولقومه ، وإلقاء الألواح حتى انكسرت ، بكلام شخصُ يغريه بذلك ، وحسّن هذا التشبيه أن الغضبان يجيش في نفسه حديث للنفس يدفعه إلى أفعال يطفىء بها ثَوران غضبه ، فإذا سكن غضبه وهدَأت نفْسه كان ذلك بمنزلة سكوت المغري ، فلذلك أطلق عليه السكوت ، وهذا يستلزم تشبيه الغضب بالناطق المغري على طريقة المكنية ، فاجتمع استعارتان ، أو هو استعارة تمثيلية مكنية لأنه لم تذكر الهيئة المشبهُ بها ورُمزَ إليها بذكر شيء من رَوادفها وهو السكوت ، وفي هذا ما يؤيد أن إلقاء الألواح كان أثر للغضب . والتعريف في { الألواح } للعهد ، أي الألواح التي ألقاها ، وإنما أخذها حفظاً لها للعمل بها ، لأن انكسارها لا يضيع ما فيها من الكتابة . والنُسخة بمعنى المنسوخ ، كالخُطبة والقُبضة ، والنّسخ هو نقللِ مثل المكتوب في لوح أو صحيفة أخرى ، وهذا يقتضي أن هذه الألواح أخذت منها نسخة ، لأن النسخة أضيفت إلى ضمير الألواح ، وهذا من الإيجاز ، إذ التقدير أخذ الألواح فجُعلت منها نسخة وفي نسختها هدى ورحمة ، وهذا يشير إلى ما في التوراة في الإصحاح الرابع والثلاثين من سفر الخروج « ثم قال الرب لموسى إنحت لك لوحين من حجر مثل الأولين فأكتُبُ أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين اللذين كسرتهما » ــــ ثم قال ــــ « فنحت لوحين من حجر كالأولين إلاهان » ــــ قال ــــ « وقال الرب لموسى أكتُبْ لنفسك هذه الكلمات » ــــ إلى أن قال ــــ « فكتَب على اللوحين كلمات العهد الكلمات العشر » . فوصْفُ النسخة بأن فيها هدى ورحمة يستلزم الأصل المنتسخ بذلك ، لأن ما في النسخة نظيرُ ما في الأصل ، وإنما ذكر لفظ النسخة هنا إشارة إلى أن اللوحتين الأصليين عوضا بنسخة لهما ، وقد قيل إن رضاض الألواح الأصلية وضعه في تابوت العهد الذي أشار إليه قوله تعالى { أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى } في سورة البقرة 248 . وقوله { للذين هم لربهم يرهبون } يتنازع تعلّقه كلٌ من { هدى } و { رحمة } ، واللام في قوله { لربهم يرهبون } لام التقوية دخلت على المفعول لضعف العامل بتأخيره عن المعمول .