Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 161-162)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه الآية أيضاً نظير ما في سورة البقرة إلاّ أنه عبر في هذه الآية بقوله { اسكنوا } وفي سورة البقرة 58 بقوله { ادخلوا } لأن القولين قيلا لهم ، أي قيل لهم ادخلوا واسكنوها ففُرّق ذلك على القصتين على عادة القرآن في تغيير أسلوب القصص استجداداً لنشاط السامع . وكذلك اختلاف التعبير في قوله هنا { وكلوا } وقوله في سورة البقرة 58 { فكلوا } فإنه قد قيل لهم بما يرادف فاء التعقيب ، كما جاء في سورة البقرة ، لأن التعقيب معنى زائِد على مطلق الجمع الذي تفيده واو العطف ، واقتصر هنا على حكاية أنه قيل لهم ، وكانت آية البقرة أولى بحكاية ما دلت عليه فاء التعقيب ، لأن آية البقرة سيقت مساق التوبيخ فناسبها ما هو أدل على المنة ، وهو تعجيل الانتفاع بخيرات القرية ، وآيات الأعراف سيقت لمجرد العبرة بقصة بني إسرائيل . ولأجل هذا الاختلاف مُيزت آية البقرة بإعادة الموصول وصلته في قوله { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً } البقرة 59 وعوض عنه هنا بضمير الذين ظلموا ، لأن القصد في آية البقرة بيان سبب إنزال العذاب عليهم مرتين أشير إلى أولاهما بما يومىء إليه الموصول من علة الحكم ، وإلى الثانية بحرف السببية ، واقتصر هنا على الثاني . وقد وقع في سورة البقرة 59 لفظ { فأنزلنا } ووقع هنا لفظ { فأرسلنا } ولما قيد كلاهما بقوله { من السماء } كان مفادهما واحداً ، فالاختلاف لمجرد التفنن بين القصتين . وعبر هنا { بما كانوا يظلمون } وفي البقرة 59 { بما كانوا يفسقون } لأنه لما اقتضى الحال في القصتين تأكيدَ وصفهم بالظلم وأدي ذلك في البقرة 59 بقوله { فأنزلنا على الذين ظلموا } استثقلت إعادة لفظ الظلم هنالك ثالثة ، فعُدل عنه إلى ما يفيد مفاده ، وهو الفسق ، وهو أيضاً أعم ، فهو أنسب بتذييل التوبيخ ، وجيء هنا بلفظ { يظلمون } لئلا يفوت تسجيل الظلم عليهم مرة ثالثة ، فكان تذييل آية البقرة أنسب بالتغليط في ذمهم ، لأن مقام التوبيخ يقتضيه . ووقع في هذه الآية { فبدل الذين ظلموا منهم } ولم يقع لفظ { منهم } في سورة البقرة ، ووجه زيادتها هنا التصريحُ بأن تبديل القول لم يصدر من جميعهم ، وأجمل ذلك في سورة البقرة لأن آية البقرة لما سيقت مساق التوبيخ ناسب إرهابهم بما يوهم أن الذين فعلوا ذلك هم جميع القوم ، لأن تبعات بعض القبيلة تحمل على جماعتها . وقدم في سورة البقرة 58 قوله { وادخلوا الباب سجداً } على قوله { وقولوا حطة } البقرة 58 وعُكس هنا وهو اختلاف في الإخبار لمجرد التفنن ، فإن كلا القولين واقع قُدّم أو أُخّر . وذكر في البقرة 58 { فكلوا منها حيث شئتم رَغَداً } ولم يذكر وصف رغداً هنا ، وإنما حكي في سورة البقرة ، لأن زيادة المنة أدخل في تقوية التوبيخ . وجملة { سنزيد المحسنين } مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن قوله { تُغفرْ لكم } في مقام الامتنان بإعطاء نعم كثيرة مما يثير سؤال سائِل يقول وهل الغفران هو قصارىَ جزائِهم ؟ فأجيب بأن بعده زيادة الأجر على الإحسان ، أي على الامتثال . وفي نظير هذه الآية من سورة البقرة 58 ذكرت جملة { وسنزيد المحسنين } معطوفة بالواو على تقدير قلنا لهم ذلك وقلنا لهم سنزيد المحسنين ، فالواو هنالك لحكاية الأقوال ، فهي من الحكاية لا من المحكي أي قلنا وقلنا سنزيد . وقرأ نافع ، وأبو جعفر ، ويعقوب { تُغفر } ــــ بمثناة فوقية مبنياً للمجهول ، و { خطيئاتُكم } ــــ بصيغة جمع السلامة للمؤنث ــــ وقرأه ابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف { نَغْفر } ــــ بالنون مبنياً للفاعل ــــ و { خطيئاتِكم } ــــ بصيغة جمع المؤنث السالم أيضاً ــــ وقرأه أبو عمرو { نغفر } ــــ بالنون و { خطاياكم } ــــ بصيغة جمع التكسير ، مثل آية البقرة ، وقرأ ابن عامر { تُغفر } ــــ بالفوقية ــــ وخطيئتكم ــــ بالإفراد . والاختلاف بينها وبين آية البقرة في قراءة نافع ومن وافقه تفنن في حكاية القصة .