Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 168-168)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف قصة على قصة ، وهو عود إلى قصص الإخبار عن أحوالهم ، فيجوز أن يكون الكلام إشارة إلى تفرقهم بعد الاجتماع ، والتقطيع التفريق ، فيكون محموداً مثل { وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطاً } الأعراف 160 ، ويكون مذموماً ، فالتعويل على القرينة لا على لفظ التقطيع . فالمراد من الأرض الجنس أي في أقطار الأرض . و { أمماً } جمع أمّة بمعنى الجماعة ، فيجوز أن يكون المراد هنا تقطيعاً مذموماً أي تفريقاً بعد اجتماع أمتهم فيكون إشارة إلى أسر بني إسرائيل عندما غزا مملكة إسرائيل شلمناصرُ مَلك بابل . ونقلهم إلى جبال انشور وأرض بابل سنة 721 قبل الميلاد . ثم أسر بُخْتنصّر مملكة يهوذا وملكها سنة 578 قبل الميلاد ، ونقل اليهود من أرشليم ولم يبق إلاّ الفقراء والعجّز . ثم عادوا إلى أرشليم سنة 530 ، وَبَنوْا البيت المقدس إلى أن أجلاهم طيطوس الروماني ، وخرّب بيت المقدس في أوائل القرن الثاني بعد الميلاد ، فلم تجتمع أمتهم بعد ذلك فتمزقوا أيدي سبأ . ووصف الأمم بأنهم { منهم الصالحون } إيذان بأن التفريق شمل المذنبين وغيرهم ، وأن الله جعل للصالحين منزلة إكرام عند الأمم التي حلّوا بينها ، كما دل عليه قوله { وبلوناهم بالحسنات والسيّئات } . وشمل قوله { ومنهم دون ذلك } كل من لم يكن صالحاً على اختلاف مراتب فقدان الصلاح منهم . و { الصالحون } هم المتمسكون بشريعة موسى والمصدقون للأنبياء المبعوثين من بعده والمؤمنون بعيسى بعد بعثته ، وأن بني إسرائيل كانوا بعد بعثة عيسى غير صالحين إلاّ قليلاً منهم الذين آمنوا به ، وزادوا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وعدم إيمانهم به ، بُعداً عن الصلاح إلاّ نفراً قليلاً منهم مثل عبد لله بن سَلام ، ومخيريق . وانتصب { دونَ ذلك } على الظرفية وصفاً لمحذوف دل عليه قوله { منهم } أي ومنهم فريق دون ذلك ، ويجوز أن تكون مِن بمعنى بعض اسماً عند من يجوّز ذلك ، فهي مبتدأ ، و { دون } خبر عنه . ويحتمل أن تكون الآية تشير إلى تفريقهم في الأرض في مدة ملوك بابل ، وإنهم كانوا في مدة إقامتهم ببابل { منهم الصالحون } مثل دانيال وغيره ، ومنهم دون ذلك ، لأن التقسيم بمِنهم مشعر بوفرة كلا الفريقين . وقوله { وبلوناهم بالحسنات والسيئات } أي أظهرنا مختلف حال بني إسرائيل في الصبر والشكر ، أو في الجزع والكفر ، بسبب الحسنات والسيئات ، فهي جمع حسنة وسيئة بمعنى التي تَحسن والتي تَسوء ، كما تقدم في قوله { فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئةٌ يطيّروا بموسى ومن معه } الأعراف 131 وعلى هذا يكون الحسنات والسيئات تفصيلاً للبلوى ، فالحسنات والسيئات من فعل الله تعالى ، أي بالتي تحسن لفريق الصالحين وبالتي تسوء فريق غيرهم ، توزيعاً لحال الضمير المنصوب في قوله { بلوناهم } . وجملة { لعلهم يرجعون } استئناف بياني أي رجاء أن يتوبوا أي حين يذكرون مدة الحسنات والسيئات ، أو حين يرون حسن حال الصالحين وسوء حال من هم دون ذلك ، على حسب الوجهين المتقدمين . والرجوع هنا الرجوع عن نقض العهد وعن العصيان ، وهو معنى التوبة . هذا كله جري على تأويل المفسرين الآية في معنى { قَطّعناهم } . ويجوز عندي أن يكون قوله { وقطعناهم في الأرض أمماً } ، عوداً إلى أخبار المنن عليهم ، فيكون كالبناء على قوله { وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً } الأعراف 160 ، فيكون تقطيعاً محموداً ، والمراد بالأرض أرض القدس الموعودة لهم أي لكثرناهم فعمروها جميعها ، فيكون ذكر الأرض هنا دون آية { وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً } الأعراف 160 للدلالة على أنهم عمروها كلها ، ويكون قوله { منهم الصالحون } إنصافاً لهم بعد ذكر أحوال عدوان جماعاتهم وصم آذانهم عن الموعظة ، وقوله { وبلوناهم } إشارة إلى أن الله عاملهم مرة بالرحمة ومرة بالجزاء على أعمال دهمائهم .