Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 52-52)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الواو في { ولقد جئناهم } عاطفة هذه الجملة على جملة { ونادى أصحاب النّار أصحابَ الجنّة } الأعراف 50 ، عطف القصّة على القصّة ، والغرضضِ على الغرض ، فهو كلام أنف انتقل به من غرض الخبر عن حال المشركين في الآخرة إلى غرض وصف أحوالهم في الدّنيا ، المستوجبين بها لما سيلاقونه في الآخرة ، وليس هو من الكلام الذي عقب الله به كلام أصحاب الجنّة في قوله { فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا } الأعراف 51 لأنّ قوله هنا { هل ينظرون إلاّ تأويله } الأعراف 53 إلخ ، يقتضي أنّه حديث عن إعراضهم عن القرآن في الدّنيا ، فضمير الغائبين في قوله { جئناهم } عائد إلى الذين كذّبوا في قوله { إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء } الأعراف 40 الآية . والمراد بالكتاب القرآن . والباء في قوله { بكتاب } لتعدية فعل { جئناهم } ، مثل الباء في قوله { ذهب الله بنورهم } البقرة 17 فمعناه أجأناهم كتاباً ، أي جعلناه جاء يا إياهم ، فيؤول إلى معنى أبلغناهم إياه وأرسلناه إليهم . وتأكيد هذا الفعل بلام القسم وقَدْ إمّا باعتبار صفة كتاب ، وهي جملة { فصّلناه على علم هدى ورحمة } فيكون التّأكيد جارياً على مقتضى الظّاهر ، لأنّ المشركين ينكرون أن يكون القرآن موصوفاً بتلك الأوصاف ، وإمّا تأكيد لفعل { جئناهم بكتاب } وهو بلوغ الكتاب إليهم فيكون التأكيد خارجاً على خلاف مقتضى الظاهر ، بتنزيل المبلَّغ إليهم منزلة من ينكر بلوغ الكتاب إليهم ، لأنّهم في إعراضهم عن النّظر والتّدبر في شأنه بمنزلة من لم يبلغه الكتاب ، وقد يناسب هذا الاعتبار ظاهر قوله بعد { يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق } الأعراف 53 . وتنكير كتاب ، وهو معروف ، قصد به تعظيم الكتاب ، أو قصد به النّوعيّة ، أي ما هو إلاّ كتاب كالكتب التي أنزلت من قبل ، كما تقدّم في قوله تعالى { كتاب أنزل إليك } في طالع هذه السّورة 2 . { وفصلناه } أي بيّناه أي بيّنّا ما فيه ، والتّفصيل تقدّم عند قوله تعالى { وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين } في سورة الأنعام 55 . و { على عِلْمٍ } ظرف مستقر في موضع الحال من فاعل { فصّلناه } أي حال كوننا على علم ، وعلى للاستعلاء المجازي ، تدلّ على التّمكّن من مجرورها ، كما في قوله { أولئك على هدى من ربهم } البقرة 5 وقوله { قل إني على بينة من ربي } في سورة الأنعام 57 . ومعنى هذا التّمكننِ أن علم الله تعالى ذاتي لا يعْزُب عنه شيء من المعلومات . وتنكير { عِلْم } للتّعظيم ، أي عالمين أعظمَ العلم ، والعظمة هنا راجعة إلى كمال الجنس في حقيقته ، وأعظم العلم هو العلم الذي لا يحتمل الخطأ ولا الخفاء أي عالمين علماً ذاتياً لا يتخلّف عنّا ولا يخْتلف في ذَاته ، أي لا يحتمل الخطأ ولا التّردّد . و { هدى ورحمة } حال من { كتاب } . أو من ضميره في قوله { فصّلناه } . ووصف الكتاب بالمصدرين { هدى ورحمة } إشارة إلى قوّة هديه النّاس وجلب الرّحمة لهم . وجملة { هدى ورحمة لقوم يؤمنون } إشارة إلى أنّ المؤمنين هم الذين توصّلوا للاهتداء به والرحمة . وأن من لم يؤمنوا قد حُرموا الاهتداء والرّحمة . وهذا كقوله تعالى في سورة البقرة 2 { هدى للمتقين }