Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 82-82)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطفت جملة { وما كان جواب قومه } على جملة { قال لقومه } الأعراف 80 . والتّقدير وإذ ما كان جواب قومه إلاّ أن قالوا إلخ ، والمعنى أنّهم أفحموا عن ترويج شنعتهم والمجادلة في شأنها ، وابتدروا بالتّآمر على إخراج لوط عليه السّلام وأهله من القرية ، لأنّ لوطاً عليه السّلام كان غريباً بينهم وقد أرادوا الاستراحة من إنكاره عليهم شأن من يشعرون بفساد حالهم ، الممنوعين بشهواتهم عن الإقلاع عن سيّئاتهم ، المصمّمين على مداومة ذنوبهم ، فإنّ صدورهم تضيق عن تحمّل الموعظة ، وأسماعهم تصمّ لقبولها ، ولم يزل من شأن المنغمسين في الهوى تجهّم حلول من لا يشاركهم بينهم . والجواب الكلام الذي يقابل به كلام آخر تقريراً ، أو ردّاً ، أو جزاء . وانتصب قوله { جواب } على أنّه خبر كان مقدّم على اسمها الواقععِ بعد أداة الاستثناء المفرغ ، وهذا هو الاستعمالُ الفصيحُ في مثل هذا التّركيب ، إذا كان أحد معمولي كان مصدراً منسبكاً من أنْ والفعللِ كما تقدّم في سورة آل عمران وسورة الأنعام ، ولذلك أجمعت القرءات المشهورة على نصب المعمول الأوّل . والضّمير المنصوب في قوله { أخرجوهم } عائد على محذوف عُلم من السّياق ، وهم لوط عليه السّلام وأهلُه وهم زوجُه وابنتاه . وجملة { إنهم أناس يتطهرون } علّة للأمر بالإخراج ، وذلك شأن إنّ إذا جاءت في مقام لا شكّ فيه ولا إنكار ، بل كانت لمجرّد الاهتمام فإنَّها تفيد مُفاد فاء التّفريع وتدلّ على الربط والتّعليل . والتّطهر تكلّف الطّهارة ، وحقيقتُها النّظافة ، وتطلق الطّهارة ــــ مجازاً ــــ على تزكية النّفس والحذر من الرذائل وهي المراد هنا ، وتلك صفة كمال ، لكن القوم لمّا تمرّدوا على الفسوق كان يعُدّون الكمال منافراً لطباعهم ، فلا يطيقون معاشرة أهل الكمال ، ويذمّون ما لهم من الكمالات فيُسمّونها ثقلاً ، ولذا وصَفُوا تنزه لوط عليه السّلام وآله تطهّراً ، بصيغة التكلّف والتصنُّع ، ويجوز أن يكون حكاية لما في كلامهم من التّهكّم بلوط عليه السّلام وآلِه ، وهذا من قلب الحقائق لأجل مشايعة العوائد الذّميمة ، وأهل المجون والانخلاع ، يسمّون المتعفّف عن سيرتهم بالتّائب أو نحو ذلك ، فقولهم { إنّهم أناس يتطهرّون } قصدوا به ذمّهم . وهُم قد علموا هذا التّطهر من خلق لوط عليه السّلام وأهله لأنّهم عاشروهم ، ورأوا سِيرتهم ، ولذلك جيء بالخبر جملة فعليّة مضارعيّة لدلالتها على أنّ التّطهر متكرّر منهم ، ومتجدّد ، وذلك أدعَى لمنافِرتهم طباعهم والغضب عليهم وتجهّم إنكار لوط عليه السّلام عليهم .