Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 93-93)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تقدم تفسير نظير هذه الآية إلى قوله { ونصحت لكم } من قصة ثمود ، وتقدم وجه التعبير بــــ { رسالات } بصيغة الجمع في نظيرها من قصة قوم نوح . ونداؤُه قومه نداء تحسر وتبرىء من عملهم ، وهو مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر ، حين وقف على القليب الذي ألقي فيه قتلى المشركين فناداهم بأسماء صناديدهم ثم قال " لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً " وجاء بالاستفهام الإنكاري في قوله { فكيف آسى على قوم كافرين } مخاطباً نفسه على طريقة التجريد ، إذ خطر له خاطر الحزن عليهم فدفعه عن نفسه بأنهم لا يستحقون أن يؤسف عليهم لأنهم اختاروا ذلك لأنفسهم ، ولأنه لم يترك من تحذيرهم ما لو ألقاه إليهم لأقلعوا عما هم فيه فلم يبق ما يوجب أسفه وندامته كقوله تعالى { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } الكهف 6 وقوله { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } فاطر 8 . فالفاء في { فكيف آسى على قوم كافرين } للتفريع على قوله { لقد أبلغتكم } الخ … فرع الاسستفهام الإنكاري على ذلك لأنه لمّا أبلغهم ونَصحَ لهم وأعرضوا عنه ، فقد استحقوا غضب من يَغضب لله ، وهو الرسول ، ويرى استحقاقهم العقاب فكيف يحزن عليهم لما أصابهم من العقوبة . والأسى شدة الحزن ، وفعله كرضي ، و « آسى » مضارع مفتتح بهمزة التكلم ، فاجتمع همزتان . ويجوز أن يكون الاستفهام الإنكاري موجهاً إلى نفسه في الظاهر ، والمقصود نهي من معه من المؤمنين عن الأسى على قومهم الهالكين ، إذ يجوز أن يحصل في نفوسهم حزن على هلكى قومهم وإن كانوا قد استحقوا الهلاك . وقوله { على قوم كافرين } إظهار في مقام الإضمار ليتأتى وصفهم بالكفر زيادة في تعزية نفسه وترك الحزن عليهم . وقد نَجى الله شعيباً مما حلّ بقومه بأن فارق ديار العذاب ، قيل إنه خرج مع من آمن به إلى مكة واستقروا بها إلى أن تُوُفوا ، والأظهر أنهم سكنوا محلة خاصة بهم في بلدهم رفع الله عنها العذاب ، فإن بقية مدين لم يزالوا بأرضهم ، وقد ذكرت التوراة أن شعيباً كان بأرض قومه حينما مرّت بنو إسرائيل على ديارهم في خروجهم من مصر .