Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 12-12)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الجمهور وأبو جعفر بكسر همزة { وإنا } . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتحها عطفاً على المجرور في قوله { فآمنا به } الجن 2 . والتقدير وءامنا بأن لن نعجز الله في الأرض . وذكر فعل { ظننا } تأكيد لفظي لفعل « آمنا » المقدر بحرف العطف ، لأن الإِيمان يقين وأُطلق الظن هنا على اليقين وهو إطلاق كثير . لما كان شأن الصلاح أن يكون مرضياً عند الله تعالى وشأن ضده بعكس ذلك كما قال تعالى { والله لا يحب الفساد } البقرة 205 أعقبوا لتعريض الإِقلاع عن ضد الصلاح بما يقتضي أن الله قد أعد لغير الصالحين عقاباً فأيقنوا أن عقاب الله لا يُفْلِت منه أحدٌ استحقه . وقدموه على الأمر بالإِيمان الذي في قوله { وإنّا لمّا سمعنا الهُدى } الجن 13 الآية ، لأن دَرْءَ المفاسد مقدم على جلب المصالح والتخلية مقدمة على التحْلية ، وقد استفادوا علم ذلك مما سمعوا من القرآن ولم يكونوا يعلمون ذلك من قبل إذ لم يكونوا مخاطبين بتعليم في أصول العقائد ، فلما ألهمهم الله لاستماع القرآن وعلموا أصول العقائد حذروا إخوانهم اعتقادَ الشرك ووصفَ الله بما لا يليق به لأن الاعتقاد الباطل لا يقره الإِدراك المستقيم بعد تنبيهه لبطلانه ، وقد جعل الله هذا النفر من الجن نذيراً لإِخوانهم ومرشداً إلى الحق الذي أرشدهم إليه القرآن ، وهذا لا يقتضي أن الجن مكلفون بشرائع الإِسلام . وأما قوله تعالى { ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإِنس لهم قلوب لا يفقهون بها } الأعراف 179 الآية فقد أشار إلى أن عقابهم على الكفر والإِشراك ، أو أريد بالجن الشياطين فإن الشياطين من جنس الجن . والإِعجاز جعل الغير عاجزاً أي غير قادر عن أمر بذكر مع ما يدل على العجز وهو هنا كناية عن الإِفلات والنجاة كقول إياس بن قبيصة الطائي @ ألم تر أن الأرض رحْب فسيحة فهل تُعْجِزَنِّي بُقعة من بِقاعها @@ أي لا تفوتني ولا تخرج عن مُكْنتي . وذِكْر { في الأرض } يؤذن بأن المراد بالهرب في قوله { ولن نعجزه هرباً } الهربُ من الرجم بالشهب ، أي لا تطمعوا أن تسترقوا السمع فإن رجم الشهب في السماء لا يخطئكم ، فابتدأوا الإِنذار من عذاب الدنيا استنزالاً لقومهم . ويجوز أن يكون { نعجز } الأول بمعنى مغالب كقوله تعالى { فما هم بمعجزين } النحل 46 أي لا يغلبون قدرتنا ، ويكون { في الأرض } مقصوداً به تعميم الأمكنة كقوله تعالى { وما أنتم بمعجزين في الأرض } الشورى 31 ، أي في مكان كنتم . والمراد أنا لا نَغلب الله بالقوة . ويكون { نعجز } الثاني ، بمعنى الإِفلات ولذلك بُيّن بـ { هرباً } ، والهرب مجاز في الانفلات مما أراد الله إلحاقه بهم من الرجم والاحتراق . والظن هنا مستعمل في اليقين بقرينة تأكيد المظنون بحرف { لن } الدال على تأبيد النفي وتأكيده .