Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 6-6)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تعليل لتخصيص زمن الليل بالقيام فيه فهي مرتبطة بجملة { قم الليل } المزمل 2 ، أي قم الليل لأن ناشئته أشد وطْأً وأقوم قيلا . والمعنى أن في قيام الليل تزكية وتصفية لسرّك وارتقاء بك إلى المراقي الملكية . و { ناشئة } وصف من النشء وهو الحدوث . وقد جرى هذا الوصف هنا على غير موصوف ، وأضيف إلى الليل إضافة على معنى في مثل « مَكَر الليل » ، وجعل من أقوم القيل ، فعُلم أن فيه قولاً وقد سبقه الأمر بقيام الليل وترتيل القرآن ، فتعين أن موصوفه المحذوف هو صلاة ، أي الصلاة الناشئة في الليل ، فإن الصلاة تشتمل على أفعال وأقوال وهي قيام . ووصف الصلاة بالناشئة لأنها أنشأها المصلي فنشأت بعدَ هدأة الليل فأشبهت السحابة التي تتنشأ من الأفق بعد صحو ، وإذا كانت الصلاة بعد نوم فمعنى النشْء فيها أقوى ، ولذلك فسرتها عائشة بالقيام بعد النوم ، وفسر ابن عباس { ناشئة الليل } بصلاة الليل كلها . واختاره مالك . وعن علي بن الحسين أنها ما بين المغرب والعشاء . وعن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير أن أصل هذا معرب عن الحبشة ، وقد عدها السبكي في « منظومته » في معربات القرآن . وإيثار لفظ { ناشئة } في هذه الآية دون غيره من نحو قيامَ أو تَهَجُدَ ، لأجل ما يحتمله من هذه المعاني ليأخذ الناس فيه بالاجتهاد . وقرأ جمهور العشرة { وَطأً } بفتح الواو وسكون الطاء بعدها همزة ، والوطء أصله وضع الرجل على الأرض ، وهو هنا مستعار لمعنى يناسب أن يكون شأناً للظلام بالليل ، فيجوز أن يكون الوطء استعير لفعل من أفعال المصلي على نحو إسناد المصدر إلى فاعله ، أي وَاطِئاً أنتَ ، فهو مستعار لتمكن المصلي من الصلاة في الليل بتفرغه لها وهدوء باله من الأشغال النهارية تمكّن الواطىء على الأرض فهو أمكن للفعل . والمعنى أشد وقعاً ، وبهذا فسره جابر بن زيد والضحاك وقاله الفراء . ويجوز أن يكون الوطء مستعاراً لحالة صلاة الليل وأثرها في المصلي ، أي أشد أثر خير في نفسه وأرسخ خيراً وثواباً ، وبهذا فسره قتادة . وقرأه ابن عامر وأبو عمرو وحده { وِطاءً } بكسر الواو وفتح الطاء ومدها مصدر وَاطَأ من مادة الفعال . والوِطاء الوفاق والملاءمة ، قال تعالى { ليواطئوا عدة ما حرم الله } التوبة 37 . والمعنى أن صلاة الليل أوفق بالمصلي بين اللسان والقلب ، أي بين النطق بالألفاظ وتفهم معانيها للهدوء الذي يحصل في الليل وانقطاع الشواغل وبحاصل هذا فسر مجاهد . وضمير { هي } ضمير فصل ، وانظر ما سيأتي عند قوله تعالى { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً } المزمل 20 في وقوع ضمير الفصل بين معرفة واسم تفضيل . وضمير الفصل هنا لتقوية الحكم لا للحصر . والأقوم الأفضل في التقوي الذي هو عدم الاعوجاح والالتواء واستعير { أقوم } للأفضل الأنفع . و { قيلاً } القَول ، وأريد به قراءة القرآن لتقدم قوله { إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } المزمل 5 . فالمعنى أن صلاة الليل أعون على تذكر القرآن والسلامة من نسيان بعض الآيات ، وأعون على المزيد من التدبر . قال ابن عباس { وأقوم قيلاً } أدنى من أن يفقهوا القرآن . وقال قتادة أحفظ للقراءة ، وقال ابن زيد أقوم قراءة لفراغه من الدنيا . وانتصب { وطْأً } و { قيلاً } نسبة تمييزي لـ { أشد } ولـ { أقوم } .