Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 14-15)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إضراب انتقالي ، وهو للترقي من مضمون { يُنَبَّأُ الإِنسان يومئذٍ بما قدم وأخّر } القيامة 13 إلى الإِخبار بأن الكافر يَعلَم ما فعله لأنهم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، إذ هو قرأ كتاب أعماله فقال { يا ليتني لم أوتَ كتابِيَهْ ولم أدر ما حِسَابيهْ } الحاقة 25 ، 26 ، { ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً } الكهف 49 . وقال تعالى { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } الإسراء 14 . ونظم قوله { بل الإِنسان على نفسه بصيرة } صالح لإِفادة معنيين أولهما أن يكون { بصيرة } بمعنى مبصر شديد المراقبة فيكون { بصيرة } خبراً عن { الإنسان } . و { على نفسه } متعلقاً بـ { بصيرة } ، أي الإِنسان بصيرٌ بنفسه . وعُدّي بحرف { على } لتضمينه معنى المراقبة وهو معنى قوله في الآية الأخرى { كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } . وهاء { بصيرة } تكون للمبالغة مثل هاء علاّمة ونسَّابة ، أي الإِنسان عليم بصير قوي العلم بنفسه يومئذٍ . والمعنى الثاني أن يكونَ { بصيرة } مبتدأ ثانياً ، والمراد به قرين الإِنسان من الحفظة وعلى نفسه خبرَ المبتدأ الثاني مقدماً عليه ، ومجموعُ الجملة خبراً عن { الإنسان } ، و { بصيرة } حينئذٍ يحتمل أن يكون بمعنى بصير ، أي مبصر والهاء للمبالغة ، كما تقدم في المعنى الأول ، وتكون تعدية { بصيرة } بـ { على } لتضمينه معنى الرقيب كما في المعنى الأول . ويحتمل أن تكون { بصيرة } صفة لموصوف محذوف ، تقديرة حجة بصيرة ، وتكون { بصيرة } مجازاً في كونها بينة كقوله تعالى { قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلاّ ربّ السماوات والأرض بصائر } الإسراء 102 ومنه قوله تعالى { وآتينا ثمودَ الناقة مبصرة } الإسراء 59 والتأنيثُ لتأنيث المَوصوف . وقد جرت هذه الجملة مجرى المثل لإِيجازها ووفرة معانيها . وجملة { ولو ألقَى معاذيرَه } في موضع الحال من المبتدأ وهو الإِنسان ، وهي حالة أجدر بثبوت معنى عاملها عند حصولها . و { لو } هذه وَصْلِيَّةٌ كما تقدم عند قوله تعالى { فلن يقبل من أحدهم مِلْءُ الأرض ذهباً ولو افتدى به } في آل عمران 91 . والمعنى هو بصيرة على نفسه حتى في حال إلقائه معاذيره . والإِلقاء مراد به الإِخبار الصريح على وجه الاستعارة ، وقد تقدم عند قوله تعالى { فألْقَوا إليهم القول إنكم لكاذبون } في سورة النحل 86 . والمعاذير اسم جمع مَعذرة ، وليس جمعاً لأن معذرة حقه أن يُجمع على معَاذر ، ومثل المعاذير قولهم المناكير ، اسم جمع مُنْكَر . وعن الضحاك أن معاذير هُنا جمع مِعْذار بكسر الميم وهو السِتر بلغة اليمن يكون الإِلقاء مستعملاً في المعنى الحقيقي ، أي الإِرخاء ، وتكون الاستعارة في المعاذير بتشبيه جحد الذنوب كذباً بإلقاء الستر على الأمر المراد حجبه . والمعنى أن الكافر يعلم يومئذٍ أعماله التي استحق العقاب عليها ويحاول أن يعتذر وهو يعلم أن لا عذر له ولو أفصح عن جميع معاذيره . و { معاذيره } جمع معرف بالإِضافة يدل على العموم . فمن هذه المعاذير قولهم { رب ارجعون لعليَ أعْمَلُ صالحاً فيما تركتُ } المؤمنون 99 ، 100 ومنها قولهم { ما جاءَنا من بشير } المائدة 19 وقولهم { هؤلاء أضَلونا } الأعراف 38 ونحو ذلك من المعاذير الكاذبة .