Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 5-5)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بل } إضراب انتقالي إلى ذكر حال آخر من أحوال فجورهم ، فموقع الجملة بعد { بل } بمنزلة الاستئناف الابتدائي للمناسبة بين معنى الجملتين ، أي لمَّا دُعُوا إلى الإقلاع عن الإِشراك وما يستدعيه من الآثام وأنذروا بالعقاب عليه يوم القيامة كانوا مصممين على الاسترسال في الكفر . والفُجورُ فعل السوء الشديد ويطلق على الكَذِب ، ومنه وُصفت اليمين الكاذبة بالفاجرة ، فيكون فجَر بمعنى كذب وزْناً ومعنًى ، فيكون قاصراً ومتعدياً مثل فعل كَذَب مُخفف الذال . روي عن ابن عباس أنه قال يعني الكافر يكذِّب بما أمامه . وعن ابن قتيبة أن أعرابياً سأل عمر بن الخطاب أن يحمله على راحلة وشكا دبَر راحلته فاتَّهمه عمر فقال الأَعرابي @ مَا مَسَّها من نَقَببٍ ولا دَبَر أقْسَمَ بالله أبو حفص عمرْ فاغفِرْ له اللهم إنْ كانَ فَجَرْ @@ قال يعني إن كان نسبني إلى الكذب . وقوله { يريد الإِنسان } يجوز أن يكون إخباراً عما في نفوس أهل الشرك من محبة الاسترسال فيما هم عليه من الفسق والفجور . ويجوز أن يكون استفهاماً إنكارياً موافقاً لسياق ما قبله من قوله { أيحسب الإِنسانُ أنْ لن نجمع عظامه } القيامة 3 . وأعيد لفظ { الإِنسان } إظهاراً في مقام الإِضمار لأن المقام لتقريعه والتعجيب من ضلاله . وكرر لفظ { الإِنسان } في هذه السورة خمسَ مرات لذلك ، مع زيادة ما في تكرره في المرة الثانية والمرتين الرابعة والخامسة من خصوصية لتكون تلك الجمل الثلاث التي ورد ذكره فيها مستقلة بمفادها . واللام في قوله { ليفجر } هي اللام التي يكثر وقوعها بعد مادتي الأمر والإِرادة نحو { وأمِرْتُ لأَعْدِلَ بينَكم } الشورى 15 { يُريد الله ليُبيِّنَ لكم } النساء 26 وقول كُثيِّر @ أريد لأَنْسَى حُبَّها فكأنَّما تَمَثَّلُ لي ليلى بكُل مكان @@ وينتصب الفعل بعدها بـ أنْ مضمرة ، لأنه أصل هذه اللام لام التعليل ولذلك قيل هي لام التعليل وقيل زائدة . وعن سيبويه أن الفعل الذي قبل هذه اللام مقدر بمصدر مرفوع على الابتداء وأن اللام وما بعدها خبره ، أي إرادتهم للفجور . واتفقوا على أن لا مفعول للفعل الواقع بعدها ، ولهذا الاستعمال الخاص بها . قال النحاس سماها بعضُ القُراء لاَمَ أنْ . وتقدم الكلام عليها في مواضع منها عند قوله تعالى { يُريد الله ليُبَيِّنَ لكم } في سورة النساء 26 . وأمَام أصله اسم للمكان الذي هو قُبالة من أضيف هو إليه وهو ضد خلْف ، ويطلق مجازاً على الزمان المستقبل ، قال ابن عباس يكذب بيوم الحساب ، وقال عبد الرحمان ابن زيد يكذب بما أمامه سَفَط . وضمير { أمامه } يجوز أن يعود إلى الإِنسان ، أي في مستقبله ، أي من عمره فيمضي قُدُماً راكباً رأسه لا يقلع عما هو فيه من الفجور فينكر البعث فلا يَزع نفسه عما لا يريد أن يزعها من الفجور . وإلى هذا المعنى نحا ابن عباس وأصحابه . ويجوز أن يكون { أمامه } أُطلق على اليوم المستقبل مجازاً وإلى هذا نحا ابن عَباس في رواية عنه وعبدُ الرحمان بن زيد ، ويكون { يفجر } بمعنى يكذب ، أي يَكذِب باليوم المستقبل .