Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 38-39)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تكرير لتوبيخهم بعد جملة { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } المرسلات 29 شُيع به القول الصادر بطردهم وتحقيرهم ، فإن المطرود يشيّع بالتوبيخ ، فهو مما يقال لهم يومئذٍ ، ولم تعطف بالواو لأنها وقعت موقع التذييل للطرد ، وذلك من مقتضيات الفصل سواء كان التكرير بإعادة اللفظ والمعنى ، أم كان بإعادة المعنى والغرض . والإشارة إلى المشهد الذي يشاهدونه من حضور الناس ومُعَدات العرض والحساب لفصل القضاء بالجزاء . والإِخبار عن اسم الإِشارة بأنه { يوم الفصل } باعتبار أنهم يتصورون ما كانوا يسمعون في الدنيا من محاجّة عليهم لإِثبات يوم يكون فيه الفصل وكانوا ينكرون ذلك اليومَ وما يتعذرون بما يقع فيه ، فصارت صورة ذلك اليوم حاضرة في تصورهم دون إيمانهم به ، فكانوا الآن متهيئين لأن يوقنوا بأن هذا هو اليوم الذي كانوا يوعدون بحلوله ، وقد عُرِف ذلك اليوم من قبل بأنه يوم الفصل المرسلات 13 ، أي القضاء وقد رأوا أهبة القضاء . وجملة { جمعناكم والأولين } بيان للفصل بأنه الفصل في الناس كلهم لجزاء المحسنين والمسيئين كلهم ، فلا جرم جُمع في ذلك اليوم الأولون والآخرون قال تعالى { قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } الواقعة 49 ، 50 . والمخاطبون بضمير { جمعناكم } المشركون الذين سبق الكلام لتهديدهم وهم المكذبون بالقرآن ، لأن عطف { والأولين } على الضمير يمنع من أن يكون الضمير لجميع المكذبين مثل الضمائر التي قبله ، لأن الأولين من جملة المكذبين فلا يقال لهم { جمعناكم والأولين } ، فتعين أن يختص بالمكذبين بالقرآن . والمعنى جمعناكم والسابقين قبلكم من المكذبين . وقد أنذروا بما حلّ بالأولين أمثالهم من عذاب الدنيا في قوله { ألم نهلك الأولين } المرسلات 16 . فأريد توقيفهم يومئذٍ على صدق ما كانوا يُنذرون به في الحياة الدنيا من مصيرهم إلى ما صار إليه أمثالهم ، فلذلك لم يتعلق الغرض يومئذٍ بذكر الأمم التي جاءت من بعدهم . وباعتبار هذا الضمير فرع عليه قوله { فإن كان لكم كيْد فكيدون } فكان تخلّصاً إلى توبيخ الحاضرين على ما يكيدون به للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين قال تعالى { إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً فمَهِّل الكافرين أمهلهم رويداً } الطارق 15 17 وأن كيدهم زائل وأن سوء العقبى عليهم . وفرع على ذلك { فإن كان لكم كيد فكيدون } ، أي فإن كان لكم كيد اليوم كما كان لكم في الدنيا ، أي كيد بديني ورسولي فافعلوه . والأمر للتعجيز ، والشرط للتوبيخ والتذكير بسوء صنيعهم في الدنيا ، والتسجيل عليهم بالعجز عن الكيد يومئذٍ حيث مُكِّنوا من البحث عما عسى أن يكون لهم من الكيد فإذا لم يستطيعوه بعد ذلك فقد سُجّل عليهم العجز . وهذا من العذاب الذي يعذَّبونه إذ هو من نوع العذاب النفساني وهو أوقع على العاقل من العذاب الجسماني .