Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 13-13)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذِكرُ السماوات يناسبه ذكر أعظم ما يشاهده الناس في فضائها وذلك الشمس ، ففي ذلك مع العبرة بخلقها عبرة في كونها على تلك الصفة ومنّة على الناس باستفادتهم من نورها فوائد جمة . والسراج حقيقته المصباح الذي يستضاء به وهو إناء يجعل فيه زيت وفي الزيت خرقة مفتولة تسمى الذُّبَالة تُشْعل بنار فتضيء ما دام فيها بلل الزيت . والكلامُ على التشبيهِ البليغ والغرض من التشبيه تقريب صفة المشبّه إلى الأذهان كما تقدم في سورة نوح . وزيد ذلك التقريب بوصف السراج بالوهّاج ، أي الشديد السَّنا . والوهاج أصله الشديد الوَهج بفتح الواو وفتح الهاء ، ويقال بفتح الواو وسكون الهاء وهو الاتقاد يقَال وَهَجَت النار إذا اضطرمت اضطراماً شديداً . ويطلق الوهاج على المتلألىء المضيء وهو المراد هنا لأن وصف وهاج أُجريَ على سراج ، أي سراجاً شديد الإِضاءة ، ولا يقال سراج ملتهب . قال الراغب الوَهجُ حصول الضوء والحرِّ من النار . وفي « الأساس » عَدَّ قولَهم سراج وهاج في قسم الحقيقة . وعليه جرى قوله في « الكشاف » « متلألئاً وقَّاداً . وتوهجت النار ، إذ تلمظت فتوهجت بضوئها وحرّها » فإذن يكون التعبير عن الشمس بالسراج في هذه الآية هو مَوقع التشبيه . ولذلك أوثر فعل { جعلنا } دون خلقنا ، لأن كونها سراجاً وهّاجاً حالة من أحوالها وإنما يعلق فعل الخلق بالذوات . فالمعنى وجعلنا لكم سراجاً وهّاجاً أو وجعلنا في السبع الشداد سراجاً وهّاجاً على نحو قوله تعالى { ألم تروا كيف خلق اللَّه سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً } نوح 15 ، 16 وقوله { تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً } الفرقان 61 سواء قَدَّرْتَ ضمير { فيها } عائداً إلى { السماء } أو إلى البروج لأن البروج هي بروج السماء . وقوله { سراجاً } اسم جنس فقد يراد به الواحد من ذلك الجنس فيحتمل أن يراد الشمس أو القمر .