Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 24-26)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الجملة يجوز أن تكون حالاً ثانية من { الطاغين } النبأ 22 أو حالاً أولى من الضمير في { لابثين } النبأ 23 وأن تكون خبراً ثالثاً لــــ { كانت مرصاداً } النبأ 21 . وضمير { فيها } على هذه الوجوه عائد إلى { جهنم } النبأ 21 . ويجوز أن تكون صفة لــــ { أحقاباً } النبأ 23 ، أي لا يذوقون في تلك الأحقاب برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً . فضمير { فيها } على هذا الوجه عائد إلى الأحقاب . وحقيقة الذوق إدراك طعم الطعام والشراب . ويطلق على الإِحساس بغير الطعوم إطلاقاً مجازياً . وشاع في كلامهم ، يقال ذاق الألم ، وعلى وجدان النفس كقوله تعالى { ليَذوق وبال أمره } المائدة 95 . وقد استعمل هنا في معنييه حيث نَصَب { برداً } و { شراباً } . والبَرْد ضد الحرّ ، وهو تنفيس للذين عذابهم الحر ، أي لا يغاثون بنسيم بارد ، والبرد ألذُّ ما يطلبه المحرور . وعن مجاهد والسدّي وأبي عبيدة ونفر قليل تفسير البَرْد بالنوم وأنشدوا شاهديْن غير واضحين ، وأيًّا مَّا كان فحمل الآية عليه تكلف لا داعي إليه ، وعطف { ولا شراباً } يناكده . والشراب ما يُشرب والمراد به الماء الذي يزيل العطش . والحميم الماء الشديد الحرارة . والغساق قرأه الجمهور بتخفيف السين وقرأه حمزة والكسائي وحفص بتشديد السين وهما لغتان فيه . ومعناه الصديد الذي يسيل من جروح الحرق وهو المُهْل ، وتقدما في سورة ص . واستثناء { حميماً وغساقاً } من { برداً } أو { شراباً } على طريقة اللف والنشر المرتب ، وهو استثناء منقطع لأن الحميم ليس من جنس البرد في شيء إذ هو شديد الحرّ ، ولأن الغساق ليس من جنس الشراب ، إذ ليس المُهل من جنس الشراب . والمعنى يذوقون الحميم إذ يُراق على أجسادهم ، والغَساق إذ يسيل على مواضع الحرق فيزيد ألمهم . وصورة الاستثناء هنا من تأكيد الشيء بما يشبه ضده في الصورة . و { جزاء } منصوب على الحال من ضمير { يذوقون } ، أي حالة كون ذلك جزاء ، أي مُجازًى به ، فالحال هنا مصدر مؤول بمعنى الوصف وهو أبلغ من الوصف . والوفاق مصدر وَافق وهو مُؤول بالوصف ، أي موافقاً للعمل الذي جوزوا عليه ، وهو التكذيب بالبعث وتكذيبُ القرآن كما دل عليه التعليل بعده بقوله { إنهم كانوا لا يرجون حساباً وكذَّبوا بآياتنا كذاباً } النبأ 27 ، 28 . فإن ذلك أصل إصرارهم على الكفر ، وهما أصلان أحدهما عدميّ وهو إنكار البعث ، والآخر وجوديّ وهو نسبتهم الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن للكذب ، فعوقبوا على الأصل العدمي بعقاب عدمي وهو حِرمانهم من البرد والشراب ، وعلى الأصل الوجودي بجزاء وجودي وهو الحميم يراق على أجسادهم والغساق يمرّ على جراحهم .