Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 30-30)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الفاء للتفريع والتسبب على جملة { إن جهنم كانت مرصاداً } النبأ 21 وما اتصل بها ، ولمَّا غُيّر أسلوب الخبر إلى الخطاب بعد أن كان جارياً بطريق الغيبة ، ولم يكن مضمونُ الخبر مما يجري في الدنيا فيُظن أنه خطاب تهديد للمشركين تعيّن أن يكون المفرع قولاً محذوفاً دلّ عليه { ذوقوا } الذي لا يقال إلا يوم الجزاء ، فالتقدير فيقال لهم ذوقوا إلى آخره ، ولهذا فليس في ضمير الخطاب التفات فالمفرع بالفاء هو فعل القول المحذوف . والأمر في « ذوقوا » مستعمل في التوبيخ والتقريع . وفُرع على { فذوقوا } ما يزيد تنكيدهم وتحسيرهم بإعلامهم بأن الله سيزيدهم عذاباً فوق ما هم فيه . والزيادة ضمّ شيء إلى غيره من جنس واحد أو غرض واحد ، قال تعالى { فزادتهم رجساً إلى رجسهم } التوبة 125 وقال { ولا تزد الظالمين إلا تباراً } نوح 28 ، أي لا تزدهم على ما هم فيه من المساوي إلا الإِهلاك . فالزيادة المنفية في قوله { فلن نزيدكم إلا عذاباً } يجوز أن تكون زيادة نوع آخر من عذاب يكون حاصلاً لهم كما في قوله تعالى { زدناهم عذاباً فوق العذاب } النحل 88 . ويجوز أن تكون زيادة من نوع ما هم فيه من العذاب بتكريره في المستقبل . والمعنى فسنزيدكم عذاباً زيادة مستمرة في أزمنة المستقبل ، فصيغ التعبير عن هذا المعنى بهذا التركيب الدقيق ، إذ ابتدىء بنفي الزيادة بحرف تأبيد النفي وأردف الاستثناء المقتضي ثبوت نقيض حكم المستثنى منه للمستثنى فصارت دلالة الاستثناء على معنى سنزيدكم عذاباً مؤبداً . وهذا من تأكيد الشيء بما يشبه ضده وهو أسلوب طريف من التأكيد إذ ليس فيه إعادة لفظ فإن زيادة العذاب تأكيد للعذاب الحاصل . ولما كان المقصود الوعيد بزيادة العذاب في المستقبل جيء في أسلوب نفيه بحرف نفي المستقبل ، وهو لن المفيد تأكيد النسبة المنفيةِ وهي ما دلّ عليه مجموع النفي والاستثناء ، فإن قيد تأبيد نفي الزيادة الذي يفيده حرف لن في جانب المستثنى منه يسري إلى إثبات زيادة العذاب في جانب المستثنى ، فيكون معنى جملة الاستثناء سنزيدكم عذاباً أبداً ، وهو معنى الخلود في العذاب . وفي هذا الأسلوب ابتداءٌ مطمِعٌ بانتهاء مُؤْيِسِ وذلك أشد حزناً وغماً بما يوهمهم أن ما ألقوا فيه هو منتهى التعذيب حتى إذا ولج ذلك أسماعَهم فحزنوا له ، أُتبع بأنهم ينتظرهم عذاب آخر أشدّ ، فكان ذلك حزناً فوق حزن ، فهذا منوال هذا النظم وهو مؤذن بشدة الغضب . وعن عبد الله بن عَمرو بن العاص وأبي برزة الأسلمي وأبي هريرة أن هذه الآية أشدّ ما نزل في أهل النار ، وقد أسند هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث " عن أبي بَرزة الأسلمي . قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أشدّ آية في كتاب الله على أهل النار ؟ فقال قول الله تعالى { فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً } " وفي سنده جَسْر بن فرقد وهو ضعيف جداً . وفي « ابن عطية » أن أبا هريرة رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر ابن عطية سنده ، وتعدد طُرقه يكسبه قوة .