Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 4-4)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كلا } حرف ردع وإبطال لشيء يسبقه غالباً في الكلام يقتضي ردع المنسوب إليه وإبطال ما نسب إليه ، وهو هنا ردع للذين يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون على ما يحتمله التساؤل من المعاني المتقدمة ، وإبطال لما تضمنته جملة { يتساءلون } النبأ 1 من تساؤل معلوم للسامعين . فموقع الجملة موقع الجواب عن السؤال ولذلك فصلت ولم تعطف لأن ذلك طريقة السؤال والجواب . والكلام وإن كان إخباراً عنهم فإنهم المقصودون به فالردع موجه إليهم بهذا الاعتبار . والمعنى إبطال الاختلاف في ذلك النبأ وإنكار التساؤل عنه ذلِك التساؤُل الذي أرادوا به الاستهزاء وإنكار الوقوع ، وذلك يُثبت وقوع ما جاء به النبأ وأنه حق لأن إبطال إنكار وقوعه يفضي إلى إثبات وقوعه . والغالب في استعمال { كلاّ } أن تعقّب بكلام يبيِّن ما أجملتْه من الردع والإِبطال فلذلك عقبت هنا بقوله { سيعلمون } وهو زيادة في إبطال كلامهم بتحقيق أنهم سيوقنون بوقوعه ويعاقَبون على إنكاره ، فهما علمان يحصلان لهم بعد الموت علم بحق وقوعِ البعث ، وعلمٌ في العقاب عليه . ولذلك حذف مفعول { سيعلمون } ليعُمّ المعلومَيْن فإنهم عند الموت يرون ما سيصيرون إليه فقد جاء في الحديث الصحيح " إن الكافر يرى مقعده فيُقال له هذا مقعدك حتى تُبعث " ، وفي الحديث " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حُفر النار " وذلك من مشاهد رُوح المقبور وهي من المكاشفات الروحية وفسر بها قوله تعالى { لتَرَوُنَّ الجحيم ثم لَتَرَوُنَّها عين اليقين } التكاثر 6 ، 7 . فتضمن هذا الإبطال وما بعده إعلاماً بأن يوم البعث واقع ، وتضمن وعيداً وقد وقع تأكيده بحرف الاستقبال الذي شأنه إفادة تقريب المستقبل . ومن محاسن هذا الأسلوب في الوعيد أن فيه إيهاماً بأنهم سيعلمون جواب سؤالهم الذي أرادوا به الإحالة والتهكم ، وصوروه في صورة طلب الجواب فهذا الجواب من باب قول الناس الجوابُ ما ترى لا ما تسمع .