Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 82, Ayat: 19-19)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً } . في هذا بيان للتهويل العظيم المجمل الذي أفاده قوله { وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين } الانفطار 17 ، 18 إذ التهويل مشعر بحصول ما يخافه المهوَّل لهم فاتبع ذلك بزيادة التهويل مع التأييس من وجدان نصير أو معين . وقرأه الجمهور بفتح { يومَ } فيجوز أن يجعل بدلاً مطابقاً ، أو عطف بيان من { يومُ الدين } المرفوع بــــ { ما أدراكَ } وتجعل فتحتُه فتحةَ بناء لأن اسم الزمان إذا أضيف إلى جملة فعلية وكان فعلها معرباً جاز في اسم الزمان أن يبنى على الفتح وأن يعرب بحسب العوامل . ويجوز أيضاً أن يكون بدلاً مطابقاً من { يوم الدين } المنصوب على الظرفية في قوله { يَصلونها يومَ الدين } الانفطار 15 ، ولا يفوت بيان الإِبهام الذي في قوله { وما أدراك ما يوم الدين } الانفطار 17 لأن { يومُ الدين } المرفوع المذكور ثانياً هو عين { يوم الدين } المنصوب أولاً ، فإذا وقع بيان للمذكور أولاً حصل بيان المذكور ثانياً إذ مدلولهما يوم متّحد . وقرأه ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب مرفوعاً ، فيتعين أن يكون بدلاً أو بياناً من { يوم الدين } الذي في قوله { وما أدراك ما يوم الدين } . ومعنى { لا تملك نفس لنفس شيئاً } لا تقدر نفس على شيء لأجل نفس أخرى ، أي لنَفعها ، لأن شأن لام التعليل أن تدخل على المنتفِع بالفعل عكسَ على ، فإنها تدخل على المتضرر كما في قوله تعالى { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } البقرة 286 ، وقد تقدم عند قوله تعالى { وما أملك لك من اللَّه من شيء } في سورة الممتحنة 4 . وعموم { نفس } الأولى والثانية في سياق النفي يقتضي عموم الحكم في كل نفس . و { شيئاً } اسم يدل على جنس الموجود ، وهو متوغل في الإِبهام يفسره ما يقترن به في الكلام من تمييز أو صفة أو نحوهما ، أو من السياق ، ويبينه هنا ما دلّ عليه فعل { لا تملك } ولام العلة ، أي شيئاً يغني عنها وينفعها كما في قوله تعالى { وما أغني عنكم من اللَّه من شيء } في سورة يوسف 67 ، فانتصب { شيئاً } على المفعول به لفعل { لا تملك } ، أي ليس في قدرتها شيء ينفع نفساً أخرى . وهذا يفيد تأييس المشركين من أن تنفعهم أصنامهم يومئذ كما قال تعالى { وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء } الأنعام 94 . { وَٱلاَْمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه } . وجملة { والأمر يومئذ للَّه } تذييل ، والتعريف في { الأمر } للاستغراق . والأمر هنا بمعنى التصرف والإِذن وهو واحد الأوامِر ، أي لا يأمر إلا الله ويجوز أن يكون الأمر مرادفاً للشيء فتغيير التعبير للتفنن . والتعريف على كلا الوجهين تعريف الجنس المستعمل لإِرادة الاستغراق ، فيعم كل الأمور وبذلك العموم كانت الجملة تذييلاً . وأفادت لام الاختصاص مع عموم الأمر أنه لا أمر يومئذ إلا لله وحده لا يصدر من غيره فعل ، وليس في هذا التركيب صيغة حصر ولكنه آيل إلى معنى الحصر على نحو ما تقدم في قوله تعالى { الحمد للَّه } الفاتحة 2 . وفي هذا الختام رد العجز على الصدر لأن أول السورة ابتدىء بالخبر عن بعض أحوال يوم الجزاء وختمت السورة ببعض أحواله .