Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 87, Ayat: 18-19)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تذييل للكلام وتنويه به بأنه من الكلام النافع الثابت في كتب إبراهيم وموسى عليهما السلام ، قصد به الإِبلاغ للمشركين الذين كانوا يعرفون رسالة إبراهيم ورسالة موسى ، ولذلك أكّد هذا الخبر بــــ { إنَّ } ولام الابتداء لأنه مسوق إلى المنكرين . والإِشارة بكلمة { هذا } إلى مجموع قوله { قد أفلح من تزكى } الأعلى 14 إلى قوله { وأبقى } الأعلى 17 فإن ما قَبْل ذلك من أول السورة إلى قوله { قد أفلح من تزكى } الأعلى 14 ، ليس مما ثَبت معناه في صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام . روى ابن مردويه والآجُري عن أبي ذر قال « قلت يا رسول الله هل أُنزل عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى ؟ قال نعم { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والأخرة خير وأبقى } الأعلى 14 ـــ 17 . ولم أقف على مرتبة هذا الحديث . ومعنى الظرفية من قوله { لفي الصحف } أن مماثله في المعنى مكتوب في الصحف الأولى ، فأطلقت الصحف على ما هو مكتوب فيها على وجه المجاز المرسل كما في قوله تعالى { وقالوا ربنا عجل لنا قِطَّنا } ص 16 ، أي ما في قِطِّنا وهو صك الأعمال . و { الصحف } جمع صحيفة على غير قياس لأن قياس جمعه صحائف ، ولكنه مع كونه غير مقيس هو الأفصح كما قالوا سُفُن في جمع سفينة ، ووجه جمع الصحف أن إبراهيم كانت له صحف وأن موسى كانت له صحف كثيرة وهي مجموع صحف أسفار التوراة . وجاء نظم الكلام على أسلوب الإِجمال والتفصيل ليكون لهذا الخبر مزيد تقرير في أذهان الناس فقوله { صحف إبراهيم وموسى } بدل من { الصحف الأولى } . و { الأولى } وصف لصُحف الذي هو جمع تكسير فله حكم التأنيث . و { الأولى } صيغة تفضيل . واختلف في الحروف الأصلية للفظ أوّل فقيل حروفه الأصول همزة فواو مكررة فلام ذكره في « اللسان » فيكون وزن أول أَأَوَل ، فقلبت الهمزة الثانية واواً وأدغمت في الواو . وقيل أُصوله وَاوَان ولام وأن الهمزة التي في أوله مزيدة فوزن أول أفعل وإدغام إحدى الواوين ظاهر . وقيل حروفه الأصلية واو وهمزة ولام فأصل أول أوْ ألْ بوزن أفعل قلبت الهمزة التي بعد الواو واواً وأدغما . و { الأولى } مؤنث أفعل من هذه المادة فإما أن نقول أصلها أُوْلى سكنت الواو سكوناً ميتاً لوقوعها إثر ضمة ، أو أصلها وُوْلَى بواو مضمومة في أوله وسكنت الواو الثانية أيضاً ، أو أصلها وُألَى بواو مضمومة ثم همزة ساكنة فوقع فيه قلب ، فقيل أولى فوزنها على هذا عُفْلَى . والمراد بالأولية في وصف الصحف سبق الزمان بالنسبة إلى القرآن لا التي لم يسبقها غيرها لأنه قد روي أن بعض الرسل قبل إبراهيم أنزلت عليه صحف فهو كوصف { عاد } بـ { الأولى } في قوله { وأنه أهلك عاداً الأولى } النجم 50 وقوله تعالى { هذا نذير من النذر الأولى } النجم 56 وفي حديث البخاري " إنَّ مما أدرك الناسُ من كلام النبوءة الأولى إذَا لم تستح فاصنع ما شئت " وأخرج عبدُ بن حميد وابن مردويه وابن عساكر وأبو بكر الآجُري عن أبي ذرّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صحف إبراهيم كانت عشر صحائف .