Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 101-101)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كانت الأعراب الذين حول المدينة قد خلصوا للنبيء صلى الله عليه وسلم وأطاعوه وهم جهينة ، وأسلم ، وأشجع ، وغفار ، ولحيان ، وعصية ، فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن في هؤلاء منافقين لئلا يغتر بكل من يظهر له المودة . وكانت المدينة قد خلص أهلها للنبيء صلى الله عليه وسلم وأطاعوه فأعلمه الله أن فيهم بقية مردوا على النفاق لأنه تأصل فيهم من وقت دخول الإسلام بينهم . وتقديم المجرور للتنبيه على أنه خبر ، لا نعت . ومِن في قوله { وممن حولكم } للتبعيض ومِن في قوله { من الأعراب } لبيان مَن الموصولة . ومِن في قوله { ومن أهل المدينة } اسم بمعنى بعض . و { مردوا } وخبر عنه ، أو تجعل مِن تبعيضية مؤذنة بمبعض محذوف ، تقديره ومن أهل المدينة جماعة مردوا ، كما في قوله تعالى { من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه } في سورة النساء 46 . ومعنى مرد على الأمر مَرِن عليه ودَرِب به ، ومنه الشيطان المارد ، أي في الشيطنة . وأشير بقوله { لا تعلمهم نحن نعلمهم } إلى أن هذا الفل الباقي من المنافقين قد أراد الله الاستيثار بعلمه ولم يُطلع عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم كما أطلعه على كثير من المنافقين من قبلُ . وإنما أعلمه بوجودهم على الإجمال لئلا يغتر بهم المسلمُون ، فالمقصود هو قوله { لا تعلمهم } . وجملة { نحن نعلمهم } مستأنفة . والخبر مستعمل في الوعيد ، كقوله { وسيرى الله عملكم ورسوله } التوبة 94 ، وإلا فإن الحكم معلوم للمخاطب فلا يحتاج إلى الإخبار به . وفيه إشارة إلى عدم الفائدة للرسول صلى الله عليه وسلم في علمه بهم ، فإن علم الله بهم كاف . وفيه أيضاً تمهيد لقوله بعده { سنعذبهم مرتين } . وجملة { سنعذبهم مرتين } استيناف بياني للجواب عن سؤال يثيره قوله { نحن نعلمهم } ، وهو أن يسأل سائل عن أثر كون الله تعالى يعلمهم . فأعلم أنه سيعذبهم على نفاقهم ولا يفلتهم منه عدمُ علم الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ بهم . والعذاب الموصوف بمرتين عذاب في الدنيا لقوله بعده { ثم يردون إلى عذاب عظيم } . وقد تحير المفسرون في تعيين المراد من المرتين . وحملوه كلهم على حقيقة العدد . وذكروا وجوهاً لا ينشرح لها الصدر . والظاهر عندي أن العدد مستعمل لمجرد قصد التكرير المفيد للتأكيد كقوله تعالى { ثم ارجع البصر كرتين } الملك 4 أي تأمل تأملاً متكرراً . ومنه قول العرب لبيك وسعديك ، فاسم التثنية نائب مناب إعادة اللفظ . والمعنى سنعذبهم عذاباً شديداً متكرراً مضاعفاً ، كقوله تعالى { يضاعَف لها العذاب ضعفين } الأحزاب 30 . وهذا التكرر تختلف أعداده باختلاف أحوال المنافقين واختلاف أزمان عذابهم . والعذاب العظيم هو عذاب جهنم في الآخرة .