Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 16-16)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أم } منقطعة لإفادة الإضراب عن غرض من الكلام للانتقال إلى غرض آخر . والكلام بعد { أم } المنقطعة له حكم الاستفهام دائماً ، فقوله { حسبتم } في قوة أحسبتم والاستفهام المقدّر إنكاري . والخطاب للمسلمين ، على تفاوت مراتبهم في مدّة إسلامهم ، فشمل المنافقين لأنّهم أظهروا الإسلام . وحسبتم ظننتم . ومصدر حسب ، بمعنى ظنّ الحِسبان ــــ بكسر الحاء ــــ فأمّا مصدر حسب بمعنى أحصى العدد فهو بضم الحاء . والترك افتقاد الشيء وتعهّدِه ، أي أن يترككم الله ، فحُذف فاعل الترك لظهوره . ولا بدّ لفعل الترك من تعليقه بمتعلّق من حال أو مجرور ، يدلّ على الحالة التي يفارق فيها التاركُ متروكه ، كقوله تعالى { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } العنكبوت 2 ومثل قول عنترة @ فتركتُه جَزَر السباع ينُشنَه @@ وقول كبشة بنت معد يكرب ، على لسان شقيقها عبد الله حين قتلته بنو مازن بن زبيد في بلد صَعْدة من بلاد اليمن @ وأُتْرَك في بيتٍ بصَعْدة مُظْلِم @@ وحذف متعلِّق { تتركوا } في الآية لدلالة السَياق عليه ، أي أن تتركوا دون جهاد ، أي أن تتركوا في دعة بعد فتح مكة . والمعنى كيف تحسبون أن تتركوا ، أي لا تحسبوا أن تتركوا دون جهاد لأعداء الله ورسوله . وجملة { ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم } إلخ في موضع الحال من ضمير { تتركوا } أي لا تظنّوا أن تتركوا في حال عدم تعلّق علم الله بوقوع ابتدار المجاهدين للجهاد ، وحصول تثاقل من تثاقلوا ، وحصول ترك الجهاد من التاركين . و { لمّا } حرف للنفي ، وهي أخت لم . وقد تقدّم بيانها ، والفرق بينها وبين لم عند قوله تعالى { ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم } البقرة 214 وقوله تعالى { ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } في سورة آل عمران 142 . ومعنى علم الله بالذين جاهدوا علمه بوقوع ذلك منهم وحصول امتثالهم ، وهو من تعلّق العلم الإلٰهي بالأمور الواقعة ، وهو أخصّ من علمه تعالى الأزلي بأنّ الشيء يقع أو لا يقع ، ويجدر أن يوصف بالتعلّق التنجيزي وقد تقدّم شيء من ذلك عند قوله تعالى { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } في سورة آل عمران 142 . والوليجة فعيلة بمعنى مفعولة ، أي الدخيلة ، وهي الفَعلة التي يخفيها فاعلها ، فكأنّه يُولجها ، أي يُدخلها في مكمن بحيث لا تظهر ، والمراد بها هنا ما يشمل الخديعة وإغراء العدوّ بالمسلمين ، وما يشمل اتّخاذ أولياء من أعداء الإسلام يُخلص إليهم ويفضَى إليهم بسر المسلمين ، لأنّ تنكير { وليجة } في سياق النفي يعمّ سائر أفرادها . و { من دون الله } متعلّق بــــ { وليجة } في موضع الحال المبيّنة . و { من } ابتدائية ، أي وليجة كائِنة في حالة تشبيه المكان الذي هو مبْدأ للبعد من الله ورسوله والمؤمنين . وجملة { والله خبير بما تعملون } تذييل لإنكار ذلك الحسبان ، أي لا تحسبوا ذلك مع علمكم بأنّ الله خبير بكلّ ما تعملونه .