Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 35-35)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
انتصب { يوم يحمى } على الظرفية لِــــ { عذاب } التوبة 34 ، لما في لفظ عَذاب من معنى يُعذّبون . وضمير { عليها عائد إلى الذهب والفضة } التوبة 34 بتأويلهما بالدنانير والدراهم ، أو عائد إلى { أمْوالَ الناس } التوبة 34 و { الذهبَ والفضةَ } التوبة 34 ، إن كان الضمير في قوله { فبشرهم } التوبة 34 عائداً إلى { الأحبار والرهبان والذين يكنزون } التوبة 34 . والحَمْيُ شدّة الحرارة . يقال حَمِيَ الشيء إذا اشتدّ حرّه . والضمير المجرور بعلَى عائد إلى { الذهب والفضة } التوبة 34 باعتبار أنّها دنانير أو دراهم ، وهي متعدّدة وبني الفعل للمجهول لعدم تعلّق الغرض بالفاعل ، فكأنّه قيل يوم يحمي الحَامون عليها ، وأسند الفعل المبني للمجهول إلى المجرور لعدم تعلّق الغرض بذكر المفعول المحمي لظهوره إذ هو النار التي تُحمى ، ولذلك لم يقرن بعلامة التأنيث ، عُدّي بعلَى الدالّة على الاستعلاء المجازي لإفادة أنّ الحَمْي تمكّن من الأموال بحيث تكتسب حرارة المحمي كلها ، ثم أكّد معنى التمكّن بمعنى الظرفية التي في قوله { في نار جهنم } فصارت الأموال محمية عليها النارُ وموضوعة في النار . وبإضافة النار إلى جهنّم علم أنّ المحمي هو نار جهنّم التي هي أشدّ نار في الحرارة فجاء تركيباً بديعاً من البلاغة والمبالغةِ في إيجاز . والكَيُّ أن يوضع على الجلد جمرٌ أو شيء مشتعل . والجِباه جمع جَبْهَة وهي أعلى الوجه ممّا يلي الرأس . والجنُوب جمع جَنْب وهو جانب الجسد من اليمين واليسار . والظُّهور جمع ظَهْر وهو ما بين العنفقة إلى منتهى فقار العظم . والمعنى تعميم جهات الأجساد بالكَي فإنّ تلك الجهات متفاوتة ومختلفة في الإحساس بألَم الكي ، فيحصل مع تعميم الكي إذاقة لأصنافٍ من الآلام . وسُلك في التعبير عن التعميم مسلكُ الإطناب بالتعداد لاستحضار حالة ذلك العقاب الأليم ، تهويلاً لشأنه ، فلذلك لم يقل فتكوى بها أجسادهم . وكيفيةُ إحضار تلك الدراهم والدنانير لتُحمى من شؤون الآخرة الخارقة للعادات المألوفة فبقدرة الله تحضر تلك الدنانير والدراهم أو أمثالها كما ورد في حديث مانع الزكاة في « الموطأ » و « الصحيحين » أنّه يمثّل له ماله شُجاعاً أقرَع يأخذ بلهزمتيه يقول « أنا مالك أنا كنزك » وبقدرة الله يكوى الممتنعون من إنفاقها في سبيل الله ، وإن كانت قد تداول أعيانَها خلقٌ كثير في الدنيا بانتقالها من يد إلى يد ، ومن بلد إلى بلد ، ومن عصَر إلى عصر . وجملة { هذا ما كنزتم لأنفسكم } مقول قول محذوف ، وحَذْف القول في مثله كثير في القرآن ، والإشارة إلى المحمي ، وزيادة قوله { لأنفسكم } للتنديم والتغليظ ولام التعليل مؤذنة بقصد الانتفاع لأنّ الفعل الذي علّل بها هو من فعل المخاطب ، وهو لا يفعل شيئاً لأجل نفسه إلاّ لأنّه يريد به راحتها ونفعها ، فلمّا آل بهم الكنز إلى العذاب الأليم كانوا قد خابوا وخسروا فيما انتفعوا به من الذهب والفضة ، بما كان أضعافاً مضاعفة من ألم العذاب وجملة { فذوقوا ما كنتم تكنزون } توبيخ وتنديم . والفاء في { فذوقوا } لتفريع مضمون جملة التوبيخ على جملة التنديم الأولى . والذوْق مجاز في الحسّ بعلاقة الإطلاق ، وتقدم عند قوله تعالى { ليذوق وبال أمره } في سورة العقود 95 . و { ما كنتم تكنزون } مفعول لفعل الذوق على تقدير مضاف يعلم من المقام أي ذوقوا عذابَ ما كنتم تكنزون . وعُبِّر بالموصولية في قوله { ما كنتم تكنزون } للتنبيه على غلطهم فيما كنزوا لقصد التنديم .