Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 46-46)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطف على جملة { فهم في ريبهم يترددون } التوبة 45 لأنّ معنى المعطوف عليها أنّهم لم يريدوا الخروج إلى الغزو ، وهذا استدلال على عدم إرادتهم الخروج إذ لو أرادوه لأعدّوا له عُدّته . وهذا تكذيب لزعمهم أنّهم تهيّأوا للغزو ثم عرضت لهم الأعذار فاستأذنوا في القعود لأنّ عدم إعدادهم العُدّة للجهاد دلّ على انتفاء إرادتهم الخروج إلى الغزو . والعُدّة بضم العين ما يُحتاج إليه من الأشياء ، كالسلاح للمحارب ، والزاد للمسافر ، مشتقّة من الإعداد وهو التهيئة . والخروج تقدّم آنفاً . والاستدراك في قوله { ولكن كره الله انبعاثهم } استدراك على ما دلّ عليه شرط { لو } من فرض إرادتهم الخروج تأكيد الانتفاء وقوعه بإثبات ضدّه ، وعبّر عن ضدّ الخروج بتثبيط الله إياهم لأنّه في السبب الإلهي ضدّ الخروج فعبّر به عن مسبّبه ، واستعمال الاستدراك كذلك بعد { لو } استعمال معروف في كلامهم كقول أبَيّ بن سُلْمَى الضَّبِّي @ فلو طار ذُو حافرٍ قَبْلَها لطارتْ ولكِنَّه لم يَطِرْ @@ وقول الغَطَمَّشِ الضبي @ أخِلاَّيَ لو غَيْرُ الحِمام أصابكم عَتِبْتُ ولكن ما على الموت مَعْتَب @@ إلاَّ أنّ استدراك ضدّ الشرط في الآية كان بذكر ما يساوي الضدّ وهو تثبيط الله إيّاهم ، توفيراً لفائدة الاستدراك ببيان سبب الأمر المستدَرك ، وجعل هذا السبب مفرّعاً على علّته وهي أنّ الله كره انبعاثهم ، فصيغ الاستدراك بذكر علّته اهتماماً بها ، وتنبيهاً على أنّ عدم إرادتهم الخروج كان حرماناً من الله إيّاهم ، وعناية بالمسلمين فجاء الكلام بنسج بديع وحصل التأكيد مع فوائد زائدة . وكراهة الله انبعاثهم مفسّرة في الآية بعدها بقوله { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا } التوبة 47 . والانبعاث مطاوع بعثَه إذا أرسله . والتثبيط إزالة العزم . وتثبيط الله إيّاهم أن خلق فيهم الكسل وضعف العزيمة على الغزو . والقعود مستعمل في ترك الغزو تشبيهاً للترك بالجلوس . والقول الذي في { وقيل اقعدوا } قول أمر التكوين أي كُوّن فيهم القعود عن الغزو . وزيادة قوله { مع القاعدين } مذمّة لهم لأنّ القاعدين هم الذين شأنهم القعود عن الغزو ، وهم الضعفاء من صبيان ونساء كالعُمي والزمنى .