Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 108, Ayat: 2-2)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في هذا مع ما قبله ربط بين النعم وشكرها ، وبين العبادات وموجبها ، فكما أعطاه الكوثر فليصل لربه سبحانه ولينحر له ، كما تقدم في سورة لإيلاف قريش ، في قوله تعالى : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [ قريش : 3 - 4 ] . وهناك { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } [ الكوثر : 1 ] ، وهو أكثر من رحلتيهم وأمنهم ، { فَصَلِّ لِرَبِّكَ } مقابل { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } [ قريش : 3 ] . وقيل : إنه لما كان في السورة قبلها بيان حال المنافقين في السهو عن الصلاة والرياء في العمل ، جاء هنا بالقدوة الحسنة { فَصَلِّ لِرَبِّكَ } مخلصاً له في عبادتك ، كما تقدم في السورة قبلها { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا } [ الكهف : 110 ] . وقوله تعالى في تعليم الأمة ، في خطاب شخصه صلى الله عليه وسلم { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : 65 ] ، مع عصمته صلى الله عليه وسلم من أقل من ذلك ، والصلاة عامة والفريضة أخصها . وقيل : صلاة العيد ، والنحر : قيل فيه أقوال عديدة : أولها : في نهر الهدى أو نحر الضحية : وهي مرتبطة بقول من حمل الصلاة على صلاة العيد ، وأن النحر بعد الصلاة كما في حديث البراء بن عازب " لما ضحى قبل أن يلي ، وسمع النَّبي صلى الله عليه وسلم يحث على الضحية بعد الصلاة ، فقال : إني علمت اليوم يوم لحم فعجلت بضحيتي ، فقال له : شاتك شاة لحم ؟ فقال : إن عندنا لعناقاً أحب إلينا من شاة ، أتجزئ عني ؟ قال : اذبحها ، ولن تجزئ عن أحد غيرك " . وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث الضحية وافياً عند قوله تعالى : { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } [ الحج : 28 ] ، وقد ذكروا في معاني : وانحر : أي ضع يدك اليمنى على اليسرى على نحرك في الصلاة ، وهذا مروي عن علي رضي الله عنه . وأقوال أخرى ليس عليها نص . والنحر : هو طعن الإبل في اللبة عند المنحر ملتقى الرقبة ، بالصدر . وأصح الأقوال في الصلاة . وفي النحر هو ما تقدم من عموم الصلاة وعموم النحر أو الذبح لما جاء في قوله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الأنعام : 162 ] . واتفق الفقهاء أن النحر للإبل ، والذبح للغنم ، والبقر متردد فيه بين النحر والذبح ، وأجمعوا على أن ذلك هو الأفضل ، ولو عمم النحر في الجميع ، أو عمم الذبح في الجميع لكان جائزاً ، ولكنه خلاف السنة . وقالوا : إن الحكمة في تخصيص الإبل بالنحر ، وهو طول العنق ، إذ لو ذبحت لكان مجرى الدم من القلب إلى محل الذبح بعيداً فلا يساعد على إخراج جميع الدم بيسر ، بخلاف النحر في المنحر ، فإنه يقرب المسافة ويساعد القلب على دفع الدم كله ، أما الغنم فالذبح مناسب لها ، والعلم عند الله تعالى .