Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 69-70)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً } اآية . لم يبين هنا ما المراد بهذه البشرى التي جاءت بها الرسل الملائكة إبراهيم ولكنه أشار بعد هذا إلى أنها البشارة بإسحاق ويعقوب في قوله { وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } هود 71 لأن البشارة بالذرية الطيبة شاملة للأم والأب ، كما يدل لذلك قوله { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } الصافات 112 . وقوله { قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ } الذاريات 28 وقوله { قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } الحجر 53 وقيل البشرى هي إخبارهم له بأنهم أرسلوا لإهلاك قوم لوط ، وعليه فالآيات المبينة لها كقوله هنا في هذه السورة { قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } هود 70 الآية . وقوله { قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ إِلاَّ آلَ لُوطٍ } الحجر 58 - 59 الآية . وقوله { قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } الذاريات 32 - 33 وقوله { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } العنكبوت 31 . والظاهر القول الأول وهذه الآية الأخيرة تدل عليه لأن فيها التصريح بأن إخبارهم بإهلاك قوم لوط بعد مجيئهم بالبشرى ، لأنه مرتب عليه بأداة الشرط التي هي " لما " كما ترى . قوله تعالى . { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ } الآية . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن إبراهيم لما سلم على رسل الملائكة وكان يظنهم ضيوفاً من الآدميين ، أسرع إليهم بالإتيان بالقرى وهو لحم عجل حنيذ - أي منضج بالنار - وأنهم لما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة فقالوا لا تخف وأخبروه بخبرهم . وبين في الذاريات أنه راغ إلى أهله - أي مال إليهم - فجاء بذلك العجل وبين أنه سمين ، وأنه قربه إليهم ، وعرض عليهم الأكل برفق فقال لهم { أَلاَ تَأْكُلُونَ } الذاريات 27 وأنه أوجس منهم خيفة وذلك في قوله { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } الذاريات 24 - 28 الآية . تنبيه يؤخذ من قصة إبراهيم مع ضيفه هؤلاء أشياء من آداب الضيافة . منها - تعجيل القرى لقوله { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } . ومنها - كون القرى من أحسن ما عنده ، لأنهم ذكروا أن الذي عنده البقر وأطيبه لحماً الفتى السمين المنضح . ومنها - تقريب الطعام إلى الضيف . ومنها - ملاطفته بالكلام بغاية الرفق ، كقوله { أَلاَ تَأْكُلُون } . ومعنى قوله { نكرهم } أي أنكرهم لعدم أكلهم ، والعرب تطلق نكر وأنكر بمعنى واحد وقد جمعهما قول الأعشى @ وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا @@ وروي عن يونس أن أبا عمرو بن العلاء حدثه أنه صنع هذا البيت وأدخله في شعر الأعشى . والله تعالى أعلم .