Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 110, Ayat: 1-1)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ذكر النصر والفتح ، مع أن كلاً منهما مرتبط بالآخر : فمع كل نصر فتح ، ومع كل فتح نصر . فهل هما متلازمان أم لا ؟ كما جاء النصر مضافاً إلى الله تعالى ، والفتح مطلقاً . أولاً اتفقوا على نزول هذه السورة بعد فتح مكة . ومعلوم : أنه سبق فتح مكة عدة فتوحات . منها فتح خيبر ، ومنها صلح الحديبية ، سماه الله تعالى فتحاً في قوله : { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } [ الفتح : 27 ] . والنصر يكون في معارك القتال ويكون بالحجة والسلطان ، ويكون بكف العدو ، كما في الأحزاب . { وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً } [ الأحزاب : 25 ] . وكما في اليهود قوله : { وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } [ الأحزاب : 26 - 27 ] . فالنصر حق من الله ، { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } [ آل عمران : 126 ] . وقد علم المسلمون ذلك ، كما جاء في قوله تعالى : { مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } [ البقرة : 214 ] ، فهم يتطلعون إلى النصر . ويأتيهم الجواب { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } [ البقرة : 214 ] . وجاء قوله صلى الله عليه وسلم : " نصرت بالرعب مسيرة شهر " . وقد قال تعالى لموسى وأخيه { لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } [ طه : 46 ] ، فهو نصر معية وتأييد ، فالنصر هنا عام . وكذلك الفتح في الدين بانتشار الإسلام ، وأعظم الفتح فتحان : فتح الحديبية ، وفتح مكة . إذ الأول تمهيد للثاني ، والثاني قضاء على دولة الشرك في الجزيرة ، ويدل لإرادة العموم في النصر والفتح .