Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 2-2)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } . ظاهر هذه الآية الكريمة قد يفهم منه أن السماء مرفوعة على عمد ، ولكننا لا نراها ، ونظير هذه الآية قوله أيضاً في أول سورة " لقمان " { خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } لقمان 10 . واختلف العلماء في قوله { تَرَوْنَهَا } على قولين أحدهما أن لها عمداً ولكننا لا نراها ، كما يشير إليه ظاهر الآية ، وممن روى عنه هذا القول ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد ، كما قاله ابن كثير . وروي عن قتادة أيضاً - أن المعنى أنها مرفوعة بلا عمد اصلاً ، وهو قول إياس بن معاوية ، وهذا القول يدل عليه تصريحه تعالى في سورة " الحج " أنه هو الذي يمسكها أن تقع على الأرض في قوله { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } الحج 65 . قال ابن كثير فعلى هذا يكون قوله { تَرَوْنَهَا } تأكيداً لنفي ذلك ، أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها كذلك ، وهذا هو الأكمل في القدرة اهـ . قال مقيده - عفا الله عنه الظاهر أن هذا القول من قبيل السالبة لا تقتضي وجود الموضوع ، والمراد أن المقصود نفى اتصاف المحكوم عليه بالمحكوم به ، وذلك صادق بصورتين الأولى أن يكون المحكوم عليه موجوداً ، ولكن المحكوم به منتف عنه ، كقولك ليس الإنسان بحجر ، فالإنسان موجود والحجرية منتفية عنه . الثانية أن يكون المحكوم عليه غير موجود فيعلم منه انتفاء الحكم عليه بذلك الأمر الموجودي ، وهذا النوع من أساليب اللغة العربية ، كما أوضحناه في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، ومثاله في اللغة قول امرىء القيس @ على لا حب لا يهتدى بمناره إذا سافه العود النباطي جرجرا @@ أي لا منار له أصلاً حتى يهتدي له ، وقوله @ لا تفزع الأرنب أهوالها ولا ترى الضب بها ينجحر @@ يعني لا أرانب فيها ولا ضباب . وعلى هذا فقوله { بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } أي لا عمد لها حتى تروها ، والعمد جمع عمود على غير قياس ، ومنه قول نابغة ذبيان @ وخسيس الجن إني قد أذنت لهم يبنون تدمر بالصفاح والعمد @@ والصفاح - بالضم والتشديد - الحجر العريض .