Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 85-85)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق . أي ليدل بذلك على أنه المستحق لأن يعبد وحده ، وأنه يكلف الخلق ويجازيهم على أعمالهم . فدلت الآية على أنه لم يخلق الخلق عبثاً ولا لعباً ولا باطلاً . وقد أوضح ذلك في آيات كثيرة ، كقوله { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } ص 27 ، وقوله { رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } آل عمران 191 ، وقوله { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } الدخان 38 - 39 الآية ، وقوله { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } المؤمنون 115 - 116 ، وقوله { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } النجم 31 ، وقوله { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } القيامة 36 - 37 إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى { وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الساعة آتية ، وأكد ذلك بحرف التوكيد الذي هو " إنَّ " وبلام الابتداء التي تزحلقها إن المكسورة عن المبتدأ إلى الخبر . وذلك يدل على أمرين أحدهما - إتيان الساعة لا محالة . والثاني - إن إتيانها أنكره الكفار ، لأن تعدد التوكيد يدل على إنكار الخبر ، كما تقرر في فن المعاني . وأوضح هذين الأمرين في آيات أخر . فبين أن الساعة آتية لا محالة في مواضع كثيرة كقوله { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا } طه 15 وقوله { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } الحج 7 وقوله { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } الحج 1 - 2 الآية ، وقوله { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ } الجاثية 32 الآية ، وقوله { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } الروم 12 ، وقوله { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } الروم 55 ، وقوله { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } الأعراف 187 ، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً . وبين جل وعلا إنكار الكفار لها في مواضع أخر . كقوله { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } سبأ 3 وقوله { زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ } التغابن 7 وقوله { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } الدخان 34 - 35 والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً . قوله تعالى { فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ } . أمر الله جل وعلا نبيه عليه الصلاة والسلام في هذه الآية الكريمة أن يصفح عمن أساء الصفح الجميل . أي بالحلم والإغضاء . وقال علي وابن عباس الصفح الجميل الرضا بغير عتاب . وأمره صلى الله عليه وسلم يشمل حكمه الأمة . لأنه قدوتهم والمشرع لهم . وبين تعالى ذلك المعنى في مواضع أخر . كقوله { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } الزخرف 89 { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } الفرقان63 ، وقوله { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ } القصص 55 ، وقوله { فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } البقرة 109 الآية . إلى غير ذلك من الآيات . وقال بعض العلماء هذا الأمر بالصفح منسوخ بآيات السيف . وقيل هو غير منسوخ . والمراد به حسن المخالقة ، وهي المعاملة بحسن الخلق . قال الجوهري في صحاحه والخلق والخلق السجية ، يقال خالص المؤمن ، وخالق الفاجر .