Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 96-96)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن ما عنده من نعيم الجنة باق لا يفنى . وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر . كقوله { عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } هود 108 ، وقوله { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } ص 54 ، وقوله { وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } الكهف 2 - 3 إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى { وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . أقسم جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه سيجزي الذين صبروا أجرهم - أي جزاء عملهم - بأحسن ما كانوا يعملون . وبين في موضع آخر أنه جزاء بلا حساب . كما في قوله { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } الزمر 10 . تنبيه استنبط بعض العلماء من هذه الآية الكريمة أن فعل المباح حسن . لأن قوله في هذه الآية { بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } صيغة تفضيل تدل على المشاركة ، والواجب أحسن من المندوب ، والمندوب أحسن من المباح . فيجازون بالأحسن الذي هو الواجب والمندوب ، دون مشاركهما في الحسن وهو المباح . وعليه درج في مراقي السعود في قوله @ ما ربنا لم ينه عنه حسن وغيره القبيح والمستهجن @@ إلا أن الحسن ينقسم إلى حسن وأحسن . ومن ذلك قوله تعالى لموسى { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } الأعراف 145 الآية . فالجزاء المنصوص عليه في قوله { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } النحل 126 حسن . والصبر المذكور في قوله { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } النحل 126 أحسن . وهكذا . وقرأ هذا الحرف ابن كثير وعاصم وابن ذكوان بخلف عنه " ولنجزين " بنون العظمة . وقرأه الباقون بالياء ، وهو الطريق الثاني لابن ذكوان .