Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 111-111)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة الناس على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . لأن أمر القدوة أمر لاتباعه كما قدمنا - أن يقولوا " الحمد لله " أي كل ثناء جميل لائق بكماله وجلاله ، ثابت له ، مبيناً أنه منزه عن الأولاد والشركاء والعزة بالأولياء ، سبحانه وتعالى عن ذلك كله علواً كبيراً . فبين تنزهه عن الولد والصاحبة في مواضع كثيرة . كقوله { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } الإخلاص1 إلى آخر السورة ، وقوله { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } الجن3 ، وقوله { بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } الأنعام101 ، وقوله { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } مريم88 - 92 الآية ، والآيات بمثل ذلك كثيرة . وبيَّن في مواضع أخر أنه لا شريك له في ملكه ، أي ولا في عبادته . كقوله { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } سبأ22 ، وقوله { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } غافر16 ، وقوله { تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الملك1 ، وقوله { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ } آل عمران26 الآية ، والآيات بمثل ذلك كثيرة . ومعنى قوله في هذه الآية { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مَّنَ ٱلذُّلِّ } يعني أنه لا يذل فيحتاج إلى ولي يعزبه . لأنه هو العزيز القهار ، الذي كل شيء تحت قهره وقدرته ، كما بينه في مواضع كثيرة كقوله { وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } يوسف21 الآية ، وقوله { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } البقرة220 والعزيز الغالب . وقوله { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } الأنعام18 والآيات بمثل ذلك كثيرة . وقوله { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } أي عظمه تعظيماً شديداً . ويظهر تعظيم الله في شدة المحافظة على امتثال أمره واجتناب نهيه ، والمسارعة إلى كل ما يرضيه ، كقوله تعالى { وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } البقرة185 ونحوها من الآيات ، والعلم عند الله تعالى . وروى ابن جرير في تفسير هذه الآية الكريمة عن قتادة أنه قال ذكر لنا أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم الصغير والكبير من أهله هذه الآية { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } الآية . وقال ابن كثير قلت وقد جاء في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى هذه الآية آية العز . وفي بعض الآثار أنها ما قرئت في بيت في ليلة فيصيبه سرق أو آفة ، والله تعالى أعلم . وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .