Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 37-37)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نهى الله جل وعلا الناس في هذه الآية الكريمة عن التجبر والتبختر في المشية . وقوله { مَرَحاً } مصدر منكر ، وهو حال على حد قول ابن مالك في الخلاصة @ ومصدر منكر حالا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع @@ وقرىء " مرحاً " بكسر الراء على أنه الوصف من مرح بالكسر يمرح بالفتح أي لا تمش في الأرض في حال كونك متبختراً متمايلاً مشي الجبارين . وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في مواضع أخر . كقوله عن لقمان مقرراً له { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ } لقمان18 - 19 الآية ، وقوله { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً } الفرقان63 الآية ، إلى غير ذلك من الآيات . وأصل المرح في اللغة شدة الفرح والنشاط ، وإطلاقه على مشي الإنسان متبختراً مشي المتكبرين ، لأن ذلك من لوازم شدة الفرح والنشاط عادة . وأظهر القولين عندي في قوله تعالى { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ } أن معناه لن تجعل فيها خرقاً بدوسك لها وشدة وطئك عليها ، ويدل لهذا المعنى قوله بعده { وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } أي أنت أيها المتكبر المختال ضعيف حقير عاجز محصور بين جمادين ! أنت عاجز عن التأثير فيهما . فالأرض التي تحتك لا تقدر أن تؤثر فيها فتخرقها بشدة وطئك عليها ، والجبال الشامخة فوقك لا يبلغ طولك طولها . فاعرف قدرك ! ولا تتكبر ، ولا تمش في الأرض مرحاً . القول الثاني - أن معنى { لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ } لن تقطعها بمشيك . قاله ابن جرير ، واستشهد له بقول رؤبة بن العجاج @ وقاتم الأعماق خاوي المخترق مشتبه الأعلام لماع الخفق @@ لأن مراده بالمخترق مكان الاختراق . أي المشي والمرور فيه . وأجود الأعاريب في قوله { طُولاً } أنه تمييز محول عن الفاعل ، أي لن يبلغ طولك الجبال . خلافاً لمن أعربه حالاً ومن أعربه مفعولاً من أجله . وقد أجاد من قال @ ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعاً فكم تحتها قوم هم منك أرفع وإن كنت في عز وحرز ومنعة فكم مات من قوم هم منك أمنع @@ واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً } على منع الرقص وتعاطيه . لأن فاعله ممن يمشي مرحاً .