Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 58-58)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال بعض أهل العلم في هذه الآية الكريمة حذف الصفة ، أي وإن من قرية ظالمة ، إلا نحن مهلكوها . وهذا النعت المحذوف دلت عليه آيات من كتاب الله تعالى . كقوله { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } القصص59 وقوله { ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ } الأنعام131 . أي بل لا بد أن تنذرهم الرسل فيكفروا بهم وبربهم . وقوله { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } هود117 ، وقوله { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } الطلاق8 - 9 إلى غير ذلك من الآيات . وغاية ما في هذا القول حذف النعت مع وجود أدلة تدل عليه . ونظيره في القرآن قوله تعالى { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } الكهف79 أي كل سفينة صالحة . بدليل أن خرق الخضر للسفينة التي ركب فيها هو وموسى يريد به سلامتها من أخذ الملك لها ، لأنه لا يأخذ المعيبة التي فيها الخرق وإنما يأخذ الصحيحة . ومن حذف النعت قوله تعالى { قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ } البقرة71 أي بالحق الواضح الذي لا لبس معه في صفات البقرة المطلوبة . ونظيره من كلام العرب قول الشاعر ، وهو المرقش الأكبر @ ورب أسيلة الخدين بكر مهفهفة لها فرع وجيد @@ أي فرع فاحم وجيد طويل ، وقول عبيد بن الأبرص @ من قوله وقول من فعله فعل ومن نائله نائل @@ أي قوله قول فصل ، وفعله فعل جميل ، ونائله نائل جزيل ، وإلى هذا أشار في الخلاصة بقوله @ وما من المنعوت والنعت عقل يجوز حذفه وفي النعت يقل @@ وقال بعض أهل العلم الآية عامة . فالقرية الصالحة إهلاكها بالموت ، والقرية الطالحة إهلاكها بالعذاب . ولا شك أن كل نفس ذائقة الموت . والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ ، والمسطور المكتوب . ومنه قوله جرير @ من شاء بايعته مالي وخلعته ما تكمل التيم في ديوانها سطرا @@ وما يرويه مقاتل عن كتاب الضحاك بن مزاحم في تفسير هذه الآية من أن مكة تخربها الحبشة ، وتهلك المدينة بالجوع ، والبصرة بالغرق ، والكوفة بالترك ، والجبال بالصواعق والرواجف . وأما خراسان فهلاكها ضروب . ثم ذكر بلداً بلداً - لا يكاد يعول عليه . لأنه لا أساس له من الصحة ، وكذلك ما يروى عن وهب بن منبه أن الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية ، وأرمينية آمنة حتى تخرب مصر ، ومصر آمنة حتى تخرب الكوفة ، ولا تكون الملحمة الكبرى حتى تخرب الكوفة . فإذا كانت الملحمة الكبرى فتحت قسطنطينة على يد رجل من بني هاشم . وخراب الأندلس من قبل الزنج ، وخراب إفريقية من قبل الأندلس ، وخراب مصر من انقطاع النيل واختلاف الجيوش فيها ، وخراب العراق من الجوع ، وخراب الكوفة من قبل عدو يحصرهم ويمنعهم الشراب من الفرات ، وخراب البصرة من قبيل الغرق ، وخراب الأبلة من عدو يحصرهم براً وبحراً ، وخراب الري من الديلم ، وخراب خراسان من قبل التبت ، وخراب التبت من قبل الصين ، وخراب الهند واليمن من قبل الجراد والسلطان ، وخراب مكة من الحبشة ، وخراب المدينة من الجوع اهـ كل ذلك لا يعول عليه . لأنه من قبيل الإسرائيليات .