Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 60-60)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ } الآية . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه أحاط بالناس . أي فهم في قبضته يفعل فيهم كيف يشاء فيسلط نبيه عليهم ويحفظه منهم . قال بعض أهل العلم ومن الآيات التي فصلت بعض التفصيل في هذه الإحاطة ، قوله تعالى { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } القمر45 ، وقوله { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ } آل عمران12 الآية ، وقوله { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } المائدة67 . وفي هذا أن هذه الآية مكية ، وبعض الآيات المذكورة مدني . أما آية القمر وهي قوله { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ } القمر45 الآية فلا إشكال في البيان بها لأنها مكية . قوله تعالى { وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّؤيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ } . التحقيق في معنى هذه الآية الكريمة أن الله جل وعلا جعل ما أراه نبيه صلى الله عليه وسلم من الغرائب والعجائب ليلة الإسراء والمعراج فتنة للناس ، لأن عقول بعضهم ضاقت عن قبول ذلك ، معتقدة أنه لا يمكن أن يكون حقاً ، قالوا كيف يصلي ببيت المقدس ، ويخترق السبع الطباق ، ويرى ما رأى في ليلة واحدة ، ويصبح في محله بمكة ؟ هذا محال ! فكان هذا الأمر فتنة لهم لعدم تصديقهم به ، واعتقادهم أنه لا يمكن ، وأنه جل وعلا جعل الشجرة الملعونه في القرآن التي هي شجرة الزقوم فتنة للناس ، لأنهم لما سمعوه صلى الله عليه وسلم يقرأ { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } الصافات64 قالوا ظهر كذبه . لأن الشجر لا ينبت في الأرض اليابسة ، فكيف ينبت في أصل النار ؟ فصار ذلك فتنة . وبين أن هذا هو المراد من كون الشجرة المذكورة فتنة لهم بقوله { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيم } الصافات62 - 64 الآية ، وهو واضح كما ترى . وأشار في موضع آخر إلى الرؤيا التي جعلها فتنة لهم ، وهو قوله { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } النجم12 - 18 . وقد قدمنا إيضاح هذا في أول هذه السورة الكريمة . وبهذا التحقيق الذي ذكرنا تعلم أن قول من قال إن الرؤيا التي أراه الله إياها هي رؤياه في المنام بني أمية على منبره ، وإن المراد بالشجرة الملعونة في القرآن بنو أمية لا يعول عليه . إذ لا أساس له من الصحة . والحديث الوارد بذلك ضعيف لا تقوم به حجة . وإنما وصف الشجرة باللعن لأنها في أصل النار ، وأصل النار بعيد من رحمة الله . واللعن الإبعاد عن رحمة الله ، أو لخبث صفاتها التي وصفت بها في القرآن ، أو للعن الذين يطعمونها . والعلم عند الله تعالى .