Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 74-75)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة تثبيته لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وعصمته له من الركون إلى الكفار . وأنه لو ركن إليهم لأذاقه ضعف الحياة وضعف الممات . أي مثلي عذاب الحياة في الدنيا ومثلي عذاب الممات في الآخرة . وبهذا جزم القرطبي في تفسيره . وقال بعضهم المراد بضعف عذاب الممات العذاب المضاعف في القبر والمراد بضعف الحياة العذاب المضاعف في الآخرة بعد حياة البعث . وبهذا جزم الزمخشري وغيره . والآية تشمل الجميع ، وهذا الذي ذكره هنا من شدة الجزاء لنبيه لو خالف بينه في غير هذا الموضع . كقوله { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } الحاقة44 - 46 الآية . وهذا الذي دلت عليه هذه الآية من أنه إذا كانت الدرجة أعلى كان الجزاء عند المخالفة أعظم بينه في موضع آخر . كقوله { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } الأحزاب30 الآية . ولقد أجاد من قال @ وكبائر الرجل الصغير صغائر وصغائر الرجل الكبير كبائر @@ تنبيه هذه الآية الكريمة أوضحت غاية الإيضاح براءة نبينا صلى الله عليه وسلم من مقاربة الركون إلى الكفار ، فضلاً عن نفس الركون . لأن { وَلَوْلاَ } حرف امتناع لوجود . فمقاربة الركون منعتها { وَلَوْلاَ } الامتناعية لوجود التثبيت من الله جل وعلا لأكرم خلقه صلى الله عليه وسلم . فصح يقيناً انتفاء مقاربة الركون فضلاً عن الركون نفسه . وهذه الآية تبين ما قبلها ، وأنه لم يقارب الركون إليهم ألبتة . لأن قوله { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً } أي قاربت تركن إليهم هو عين الممنوع بـ { وَلَوْلاَ } الامتناعية كما ترى . ومعنى { تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ } تميل إليهم .