Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 7-7)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من أحسن - أي بالإيمان والطاعة - فإنه إنما يحسن إلى نفسه . لأن نفع ذلك لنفسه خاصة . وأن من أساء - أي بالكفر والمعاصي - فإنه إنما يسيء على نفسه . لأن ضرر ذلك عائد إلى نفسه خاصة . وبين هذا المعنى في مواضع أخر . كقوله { مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } فصلت46 الآية ، وقوله { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } الزلزلة7 - 8 ، وقوله { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } الروم44 ، إلى غير ذلك من الآيات . واللام في قوله { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } بمعنى على ، أي فعليها ، بدليل قوله { وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَاِ } فصلت46 . ومن إتيان اللام بمعنى على قوله تعالى { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ } الإسراء109 الآية . أي عليها وقوله { فَسَلاَمٌ لَّكَ } الواقعة91 الآية . أي سلام عليك - على ما قاله بعض العلماء . ونظير ذلك من كلام العرب قول جابر التغلبي ، أو شريح العبسي ، أو زهير المزني أو غيرهم @ تناوله بالرمح ثم انثنى له فخر صريعاً لليدين وللفم @@ أي على اليدين وعلى الفم . والتعبير بهذه اللام في هذه الآية للمشاكلة . كما قدمنا في نحو { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ } الشورى40 الآية ، { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ } البقرة194 الآية . قوله تعالى { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } الآية . جواب { إذا } في هذه الآية الكريمة محذوف ، وهو الذي تتعلق به اللام في قوله { لِيَسُوءُواْ } وتقديره فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسؤوا وجوهكم . بدليل قوله في الأولى { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ } الإسراء5 الآية ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن . قال ابن قتيبة في مشكل القرآن ونظيره في حذف العامل قول حميد بن ثور @ رأتني بحبليها فصدت مخافة وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق @@ أي رأتني أقبلت ، أو مقبلاً . وفي هذا الحرف ثلاث قرآت سبعيات قرأه على الكسائي " لنسوء وجوهكم " بنون العظمة وفتح الهمزة . أي لنسوءها بتسليطنا إياهم عليكم يقتلونكم ويعذبونكم . وقرأه ابن عامر وحمزة وشعبة عن عاصم " ليسوء وجوهكم " بالياء وفتح الهمزة والفاعل ضمير عائد إلى الله . أي ليسوء هو . أي الله وجوهكم بتسليطه إياهم عليكم . وقرأه الباقون { لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } بالياء وضم الهمزة بعدها واو الجمع التي هي فاعل الفعل ، ونصبه بحذف النون ، وضمير الفاعل الذي هو واو عائد إلى الذين بعثهم الله عليهم ليسؤوا وجوههم بأنواع العذاب والقتل .