Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 51-51)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

التحقيق في معنى هذه الآية الكريمة - أن الله يقول ما أشهدت إبليس وجنوده أي ما أحضرتهم خلق السموات والأرض ، فأستعين بهم على خلقها ولا خلق أنفسهم ، أي ولا أشهدتهم خلق أنفسهم ، أي ما أشهدت بعضهم خلق بعضهم فأستعين به على خلقه ، بل تفردت بخلق جميع ذلك بغير معين ولا ظهير ! فكيف تصرفون لهم حقي وتتخذونهم أولياء من دوني وأنا خالق كل شيء ! ؟ وهذا المعنى الذي أشارت له الآية من أن الخالق هو المعبود وحده - جاء مبيناً في آيات كثيرة ، وقد قدمنا كثيراً منها في مواضع متعددة ، كقوله { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } النحل 17 ، وقوله { أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } الرعد 16 ، وقوله { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } لقمان 11 ، وقوله تعالى { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } فاطر 40 الآية ، وقوله تعالى { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } الأحقاف 4 الآية ، إلى غير ذلك من الآيات كما قدمناه مراراً . وقال بعض العلماء { وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ } أي ما أشهدتهم خلق أنفسهم بل خلقتهم على ما أردت وكيف شئت . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } الكهف 51 فيه الإظهار في محل الإضمار ، لأن الأصل الظاهر . وما كنت متخذهم عضداً ، كقوله { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ } والنكتة البلاغية في الإظهار في محل الإضمار في ذمه تعالى لهم بلفظ الإضلال . وقوله " عَضُداً " أي أعواناً . وفي هذه الآية الكريمة - التنبيه على أن الضالين المضلين لا تنبغي الاستعانة بهم ، والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب . والمعنى المذكور أشير له في مواضع أخر كقوله تعالى { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ } القصص 17 والظهير المعين . والمضلون الذين يضلون أتباعهم عن طريق الحق . وقد قدمنا معنى الضلال وإطلاقاته في القرآن بشواهده العربية .