Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 39-39)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحسرة أشد الندم والتلف على الشيء الذي فات ولا يمكن تداركه . والإنذار الإعلام المقترن بتهديد . أي أنذر الناس يوم القيامة . وقيل له يوم الحسرة لشدة ندم الكفار فيه على التفريط . وقد يندم فيه المؤمنون على ما كان منهم من التقصير وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى في مواضع أخر كقوله { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ } غافر 18 الآية ، وقوله { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } سبأ 46 . وأشار إلى ما يحصل فيه من الحسرة في مواضع أخر . كقوله { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ } الزمر 56 الآية ، وقوله تعالى { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا } الأنعام 31 الآية ، وقوله { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } البقرة 167 إلى غير ذلك من الآيات . وقوله في هذه الآية الكريمة { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ } أي في غفلة الدنيا معرضون عن الآخرة . وجملة " وهم في غفلة " حالية ، والعامل فيها " أنذرهم " أي أنذرهم في حال غفلتهم غير مؤمنين . خلافاً لمن قال إن العامل في الجملة الحالية قوله قبل هذا " في ضلال مبين " . وقد جاء في الحديث الصحيح ما يدل على أن المراد بقوله هنا " إذ قضي الأمر " أي ذبح الموت . قال البخاري رحمه الله في صحيحه باب قوله عز وجل { وأنذرهم يوم الحسرة } حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه . ثم ينادي يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه . فيذبح . ثم يقول يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت " ثم قرأ { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ } مريم39 وهؤلاء في غفلة الدنيا وهم لا يؤمنون " - انتهى منه صحيح البخاري . والحديث مشهور متفق عليه - وقراءة النَّبي صلى الله عليه وسلم الآية بعد ذكره ذبح الموت تدل على أن المراد بقوله " إذ قضي الأمر " أي ذبح الموت . وفي معناه أقوال أخر غير هذا تركناها لدلالة الحديث الصحيح على المعنى الذي ذكرنا .