Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 143-143)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } الآية . أي خياراً عدولاً . ويدل لأن الوسط الخيار العدول قوله تعالى { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } آل عمران 110 ، وذلك معروف في كلام العرب ، ومنه قول زهير @ هم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم @@ قوله تعالى { وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } . لم يبين هنا هل هو شهيد عليهم في الدنيا أو الآخرة ؟ ولكنه بين في موضع آخر أنه شهيد عليهم في الآخرة ، وذلك في قوله { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثا } النساء 41 - 42 . قوله تعالى { وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ } الآية . ظاهر هذه الآية قد يتوهم منه الجاهل أنه تعالى يستفيد بالاختبار علماً لم يكن يعلمه ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًّا كبيراً ، بل هو تعالى عالم بكل ما سيكون قبل أن يكون . وقد بين أنه لا يستفيد بالاختبار علماً لم يكن يعلمه بقوله جل وعلا { وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } آل عمران 154 فقوله { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } بعد قوله { وَلِيَبْتَلِيَ } دليل قاطع على أنه لم يستفد بالاختبار شيئاً لم يكن عالماً به ، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ، لأن العليم بذات الصدور غني عن الاختبار ، وفي هذه الآية بيان عظيم لجميع الآيات التي يذكر الله فيها اختباره لخلقه . ومعنى { إِلاَّ لِنَعْلَمَ } أي علماً يترتب عليه الثواب والعقاب فلا ينافي أنه كان عالماً به قبل ذلك ، وفائدة الاختبار ظهور الأمر للناس . أما عالم السر والنجوى فهو عالم بكل ما سيكون ، كما لا يخفى وقوله { مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ } أشار إلى أن الرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم بقوله مخاطباً له { وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ } الآية . لأن هذا الخطاب له إجماعاً . قوله تعالى { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } . أي صلاتكم إلى بيت المقدس على الأصح ، ويستروح ذلك من قوله قبله { وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ } الآية . ولا سيما على القول باعتبار دلالة الاقتران ، والخلاف فيها معروف في الأصول .