Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 133-133)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أظهر الأقوال عندي في معنى هذه الآية الكريمة أن الكفار اقترحوا على عادتهم في التعنت آية على النبوة كالعصا واليد من آيات موسى ، وكناقة صالح ، واقتراحهم لذلك بحرف التحضيض الدال على شدة الحضّ في طلب ذلك في قوله { لَوْلاَ يَأْتِينَا } أي هلا يأتينا محمد بآية كناقة صالح ، وعصا موسى ، أي نطلب ذلك منه بحضّ وحثّ . فأجابهم الله بقوله { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } وهي هذا القرآن العظيم ، لأنه آية هي أعظم الآيات وأدلها على الإعجاز . وإنما عبر عن هذا القرآن العظيم بأنه بينة ما في الصحف الأولى . لأن القرآن برهان قاطع على صحة جميع الكتب المنزلة من الله تعالى ، فهو بَيِّنة واضحة على صِدقها وصحتها كما قال تعالى { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } المائدة 48 ، وقال تعالى { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } النمل 76 ، وقال تعالى { قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } آل عمران 93 إلى غير ذلك من الآيات . وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية على هذا التفسير الذي هو الأظهر أوضحه جل وعلا في سورة " العنكبوت " في قوله تعالى { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } العنكبوت 50 - 51 . فقوله في " العنكبوت " { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } هو معنى قوله في " طه " { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } طه 133 كما أوضحنا . والعلم عند الله تعالى . ويزيد ذلك إيضاحاً الحديث المتفق عليه " ما من نبي مِنَ الأنبياء إلا أُوتي ما آمَنَ البشر على مِثْلِه ، وإنما كان الذي أُوتيتُه وحياً أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابِعاً يومَ القيامةِ " وفي الآية أقوال أخر غير ما ذكرنا .